يقظة المسلمين العلويين

 

 

 

 

                                                        هاني الخير

                                                دمشق 27محرم 1417هـ

                                                13 حزيران 1996م

 

 

مدخل       – 1 –

 

نشر هذا البحث ــ لأول مرة ــ على حلقات متسلسلة في أعداد مجلة النهضة الصادرة في مدنية طرطوس السورية بين عامي / 1937 ــ 1938 / وكان المغفور له والدي قد تجاوز بسنوات العقد الثالث من عمره، حين أنجز كتابة هذا البحث الشائق، الذي استمد أفكاره الأساسية، من خلال مشاهداته الميدانية، ورصده العميق للواقع الحياتي والمعاشي والنفسي لهؤلاء الذين تحدث عنهم.

2

و مع احتجاب مجلة النهضة لصاحبها المرحوم الدكتور وجيه محي الدين، بالإضافة إلى تعاقب السنوات، أضحت بعض هذه الحلقات تتداول بين المهتمين على نطاق ضيق وبصورة مبتورة...

لكن الباحث المنصف الأستاذ هاشم عثمان تمكن من العثور على بعض هذه الحلقات، ونشرها مشكورا في كتابه الذي حمل اسم " العلويون بين الأسطورة والحقيقة " الصادر في بيروت عن مؤسسة الأعلمي للطباعة والنشر.

إلا أن ما نشره الأستاذ هاشم عثمان من صفحات لم يكن كافيا ولا يمثل رؤية المرحوم والدي وآنذاك ليقظة أبناء المذهب الجعفري خلال هذا القرن.

 

 

3

و بمصادفة سعيدة عثرت على كامل البحث بين أوراق المرحوم والدي، فوجدت من الأهمية نشره في كتاب مستقل، للحقيقة والتاريخ وتعميماً للفائدة وللمعرفة الصحيحة وحماية لتراث المرحوم والدي من الضياع والتلاشي في محيط الصمت.

وجاء النشر أيضا استجابة للطلبات المتكررة التي تصلنا من عارفي فضل والدي وريادته للدعوة النبيلة التي نذر نفسه لها وهي التقريب بين أبناء المذاهب الإسلامية وصولاً للصلاح و الإصلاح ووحدة الموقف ووحدة الصف.

و باختصار شديد فإن مؤلفات المرحوم والدي المطبوعة تلقي الضوء الساطع على حقيقة المذهب الجعفري وتضع هذا المذهب إلى جانب المذاهب الإسلامية الأخرى

والله من وراء القصد... ومنه نستمد العون

 

 

 

                                                     

 

 

تمهيد

 

 

إن من يقابل بين حال المسلمين: العلويين قبل عشرين سنة فقط، وبين حالهم الآن  يرى فرقا بيناً يستدعي الدهشة والتساؤل عن أسباب هذا التطور والعوامل التي أدت إليه، وعما يرى المسلمون: العلويون أنفسهم في هذا التطور، وما يأملونه من نتائجه الحسنة وما يحذرونه من عواقبه السيئة، وللوقوف على كل هذا لابد للباحث من أن يلم ولو قليلاً بتاريخهم الغابر ويدرس شيئا عن عقليتهم قبيل ظهور هذا الفرق وإبان ظهوره ويراقب بارق اليقظة في أدوار إشعاعه حتى اليوم.

 

 

 

 

 

 

 

 

من هم العلويون

 

النصيريون ــ كما كانوا يدعون من قبل ــ و العلويون ــ كما دعوا في عصر الاحتلال هم إحدى فرق الإسلام ــ رضي السفهاء المغرضون أم كرهوا، وأقروا ذلك أم نفوه ــ مسلمون إماميون وعرب أقحاح، قضت عليهم أسباب جمة، أهمها ضغط بعض الحكام الظالمين في عصور التاريخ الإسلامي، أن يتجمعوا في جبال هذه البلاد، منذ بضعة قرون ونيف ملتجئين من جور السياسة الخرقاء والتعصب الأعمى على أحراج البلاد ومعاقلها المانعة، وإلى التكتم في إقامة شعائرهم الإسلامية الخاصة والتساهل في التظاهر ببعض شعائر الأقوياء المسيطرين يومئذ، حفظاً لكيانهم الطائفي وحقنا لدمائهم وعلى توالي الأيام أصبح التكتم شبه غريزة فيهم، ودخل ذلك التظاهر ببعض الشعائر الأجنبية عن الإسلام في عداد عاداتهم، لا يستنكره جمهورهم ولا تقره خاصتهم وهذا ما جعل الظنون تحوم حول معتقداتهم وذهاب الآراء في التخمين والتقول كل مذهب.

ولا نعلم بالتدقيق تاريخ تظاهرهم بالعادات الغربية عن الإسلام ولكننا نرجح أن بعضه كان على عهد الصليبيين وبعدهم نستند في ترجيحنا هذا إلى أن السلف لم يكونوا يعترفون بهذه العادات كشعائر مذهبية، بدلالة أنها لم ترد في أشعارهم ولا في آثارهم التي بين أيدينا ولأنه في بعض نواحي البلاد لا أثر البتة لهذه العادات فهناك وسط صافيتا وساحلها ليس فيهما من يحسب حساباً للميلادية أو القوزلّي أي يوم أول السنة الميلادية على الحساب الشرقي وهناك الجهة الجنوبية من البلاد أي أقضية طرطوس صافيتا تلكلخ فإن أهاليها لا يعرفون متى تكون الزهورية أي 15 نيسان شرقي التي يتجمهر فيها أهل الشمال قضائي صهيون واللاذقية في حين أن الساكنين وسط البلاد: أقضية جبلة بانياس مصياف يقيمون موسم الرابع من نيسان شرقي في مواقع عديدة بقصد البيع والشراء هذا الاختلاف البين كما يرى القارئ الكريم ــ وعدم ذكر السلف لهذه العادات يجعلنا نجزم بأنها دخيلة وحديثة العهد.

وأبين ما عرف به العلويون تخصصهم للاشتغال الدائم، منذ أقدم أيامهم حتى اليوم بعلم التوحيد: أي معرفة الله تعالى بالبراهين العقلية المستندة إلى الشواهد النقلية من نصوص القرآن الكريم والحديث الشريف وروايات الأئمة من آل الرسول عليه وعليهم أفضل الصلة والسلام فإن تبويب هذا العلم والتوسع فيه وتعليمه إلى أتقياء الطلبة المجدين قد رافق خاصتهم منذ افتراقهم عن سواهم من الفرق الإسلامية حتى عصرنا هذا ومما لا يترك مجالا للتردد في صحة هذا القول كثرة عندهم من المؤلفات القيمة التي يرجع تاريخ أسبقها إلى صدر الإسلام ولم ينقطع حتى اليوم ظهورها وجميعها تدور تقريبا حول المسائل الآتي بيانها:

·       إثبات وجود الخالق سبحانه بالمعقول

·       إثبات النبوة عن طريق البرهان والدليل  

·       إثبات الإمامة بالحجج العقلية و النقلية

·       اللفظ والمعنى وعلاقتهما بصفات الخالق

·       وجوب صفات الكمال للباري تعالى

·       تنزيهه عن صفات المحدثات

·       أصل الشر

·       آداب العبادات و الرياضة الروحية  

·       المعاد

·       حدوث الكون وفناؤه..الخ

والواقف على هذه الكتب الخطية القيمة ــ رغم تشويه جهلة النساخ عبارتها ــ يدرك مدى اهتمام العلويين بالتوحيد الذي اشتقوا منه اسماً لهم منذ نشوئهم فهم يشيرون دائماً في هذه الكتب إلى جماعتهم بالفرقة الموحدة.

ومن أظهر ما عرف به العلويون عنايتهم بالفلسفة الروحية العالمية ومقابلتها بالأديان الإلهية ، وتوفيق ما يمكن توفيقه، ورد ما يختلف إلى البدع و الهرطقات التي كان يلفقها معارضو الدين والفلسفة الصحيحة، ويستنتجون من كل ذلك وحدة الأديان ووحدة غاياتها التي جاء الإسلام الحنيف بالبرهان عليها ودعمها بالحجج الدامغة.

هذه الظاهرة الفكرية التي يمتاز بها العلويون، هي ما جعلت بعض الجهلاء وذوي الغايات الدنيوية يلصقون بهذه الطائفة تهمات الوثنية والكفر أو ينسبونهم إلى أديان أخرى غير الإسلام.

وبعد ما تقدم فإننا نعترف بأن عصر الانحطاط الذي يتلو البحث فيه هذه الأسطر قد شوه مظاهر هذه المؤلفات القيمة بالنساخة والتعليق  حيث حذف منها وأضيف إليها، وعلى الأغلب من قبيل التفسير في مسائل الفلسفة العقلية والقضايا المنطقية ، الصعب  فهمها إلا على المتخصصين لذلك من رجالات المذهب وهذا التشويه هو ما يجعل نشر تلك الكتب متعذراً جدا فعسى فطاحل علمائنا الأفذاذ يهتمون بإصلاح ما فيها من غموض أو خروج عن الجادة سببهما الرمز بالمعميات والتلميح إلى الفكرة المستغربة بدلاً من التصريح بها تلك الخطة التي كانت شائعة في عصور الحذر والخوف اللذين كانا ملازمين لأكثر المشتغلين بالعلوم العقلية أو الفروق المذهبية.

ولئن أحجم علماؤنا عن هذا الواجب خوفاً من سهام النقد أو من تقولات بعض الجهلاء وهربا من الظهور والشهرة كما هي عبادته، فإن النشء المتعلم تعليماً صحيحاً والدارس   دراسات عالية صحيحة لا زائفة سيجنح إلى تأدية هذا الواجب الشريف فيؤدي بذلك ما في عنقه من أمانه واجبة التأدية.

 

 

 

 

 

 

 

 

أسباب الجمود والانحطاط

 

يصعب جداً على الباحث في تاريخ العلويين أن يستند من كتبهم على التحديدات الزمنية ذلك لأنه لم يصل إلينا من آثار علمائهم شيء يبحث في غير الدين، اللهم إذا استثنينا بضع كتب في ترجمة الأولياء الصالحين من العلماء المدققين ترجمة دينية تشير إلى ملخص اعتقادهم وبعض أشعارهم الدينية ويندر أن تذكر هذه الترجمات سنتي الولادة أو الوفاة فلا تكاد تخرج عما استثنيناها منه. لكن مع كل هذا فإن التدقيق في دراسة أساليب التعبير ومقابلة التراجم الجمة والتعمق والتقصي كل هذا يبرهن على أن بدء الجمود كان في النصف الأول من القرن الثامن للهجرة، حيث تكاد أعمال المؤلفين تقتصر في ذلك الحين وما يليه على إعادة وتكرير ما كتبه سابقوهم من العلماء دون أن يضيفوا شيئا يذكر لا من قبل التوضيح ولا من قبل حسن التبويب وسهولة المأخذ، وهذا يدل على قلة الإطلاع على شتى فروع العلوم وأنواعها، ومن المعلوم أن جمود الخاصة يسبب انحطاط الجمهور وها نحن اليوم نراقب نتائج ذلك الانحطاط بمرارة أسف مؤلمة إن أسباب الجمود والانحطاط يمكن ترتيبها بحسب أهميتها كما يلي:

·   توالي الاعتداءات على هذه الطائفة منذ ثلاثة عشر قرنا حتى اليوم.اعتداءات كان يستهلك بعضها كل ما تملك فتنهب مواشيها وأموالها، وتحرق بيوتها بمافيها من أثاث ومقتنيات ويقتل علماؤها ومشاهيرها الأمر الذي أضاع آثارها الفكرية القديمة إلا ما حفظته بحروفه وألفاظه صدور الحفظة من رجالها أو ما وعاه علماؤها ومن هذا العلم ــ إن بقي حتى اليوم هو قليل من كثير.

·   الانزواء في هذه الجبال، والعيش الفطري، بحكم هذه المناطق الجبلية القاحلة، وبحكم ما خلفته بعقلية العلويين تلك التعديات الجائحة المتتابعة، منت فضيل الانصراف الكلي إلى التعبد وعدم الاشتغال بشيء آخر مثل تشييد جميل البنيان أو جمع الثروات الطائلة أو اقتناء المكتبات الفخمة الجامعة إذ ما الفائدة من كل هذا وهو لا يلبث أن يكون نهب أيدي الأقوياء المعتدين وطعم نيرانهم وضحية تعصبهم وانتقاماتهم الجنونية.

·   وعلى توالي الأيام استحالت هذه الفكرة السالفة إلى القول بكراهية طلب أي فرع كان  من العلوم غير علم معرفة الله، وإلا ما لا يستغنى عنه في أشد مرافق الحياة ضرورة ورسخ هذا القول بمرور الزمن، وتضخم في عقلية الجمهور حتى جاء يوم يستنكر فيه العامة عمل من يدرس قواعد اللغة وأصولها فضلا عن العلوم العصرية الحديثة.

·   مبالغة علمائهم في الزهد وهربهم من الشهرة وتعمدهم عيشة الخمول والتقشف حتى كادوا أن يكونوا أشبه بفقراء الهنود منهم بعلماء المسلمين

يقول نبيهم  صلى الله عليه وآله وسلم "اعمل لدنياك كأنك تعيش  أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا"

 و يقول لنفر من صحابته كانوا قد اتفقوا على نبذ الملاذ الدنيوية " إن لأنفسكم عليكم حقاً فصوموا وافطروا وقوموا وناموا فإني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وآكل اللحم والدسم وآتي النساء."

و يقول أول أئمتهم عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية: " يا بني إني أخاف عليك الفقر فاستعذ بالله منه فإن الفقر منقصة للدين مدهشة للعقل داعيةٌ للمقت."

و يقول سادس أئمتهم عليه السلام " كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً "

لا نشير بإيرادنا هذه الأحاديث هنا إلى أن في الانقطاع إلى الله وفي الزهد مغمز كلا وإنما نقصد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأئمة الأطهار عليهم السلام كانوا مستكملي شروط الفضيلة المؤهلة للنبوة والإمامة فكما كانوا رجال زهد وعبادة كانوا رجال علم وكياسة فليس من شروط أتباعهم الاقتداء بهم في شأن من شؤون سنتهم وإغفال شؤون  (وربما أفردنا لهذا مقالا خاصا نوفيه فيه حقه من البحث ).

·   ومن الأسباب الحديثة العهد في العمل على انحطاط العلويين اعتبارهم منذ زمن قريب المشيخة أي الرئاسة الدينية وراثة، وإغداقهم الهبات باسم الزكاة على الأكثر إن لم نقل على الكل ــ ممن ينتمي إليها ولو بشارة فقط والحكم على الكل بما يبدو من البعض مما لا يوافق العادات المأثورة وإنزال سوادهم الخرافات منزلة الحقائق المسلم بها الأمر الذي فسح لكثير من الممخرقين أن يلعبوا بالعقول الساذجة ما شاءت لهم الغايات والجهل.

 

بشائر اليقظة الأولى

 

و في العقود الأولى من القرن الهجري الثالث عشر، بدت في البلاد بشائر يقظة منعشة، برهنت على أن النار لم تفارق الرماد، وعلى أن الشعوب تهجع ثم تهب من سباتها. وها نحن نستعرض آثار هذه اليقظة على الترتيب التالي:

في الجنوب

إن الولي الكبير المغفور له الشيخ عبد العال المعروف بالحاج معلا ( الجد الأكبر لعائلة بيت الحاج ) قصد سنة / 1254 هـ / البيت الحرام لأداء فريضة الحج المقدسة، وفي عودته مرّ بمصر و استحصل على إذن ببناء مسجد في قريته ـ إذ كانت سورية يومئذٍ في حكم محمد علي باشا ـ وابتنى المرحوم الحاج معلا فور وصوله المسجد العامر حتى اليوم في قرية ( بيت الحاج من أعمال طرطوس ) وقام بالإمامة فيه مدة عشرين سنة، لم يفتر أثناءها عن بث روح اليقظة ومحاربة الأمية بين سواد الشعب. و خلف المرحوم الحاج أبناؤه في نشر العلم والإرشاد، على رأسهم خليفته المرحوم الشيخ عبد اللطيف الحاج، الذي لا يزال الناس حتى اليوم يتناقلون الحديث عن حسن خطابته في الجمعة والأعياد. وكان كأبيه من الحفظة للقرآن الكريم.

وفي ذلك العهد نفسه اشتهر في علم الفلك الولي الكبير المغفور له الشيخ يوسف ميّ ـ الجد الأكبر لعائلة بيت الحامد، رأس الخشوفة، صافيتا ـ وأتقن عنه هذا الفن خليفته الولي العظيم الواسع الرحمة الشيخ محمد يوسف المشهور كأبيه في الزهد والعبادة والتفقه.

وانتهى علم الفلك بعده إلى سميه الشيخ محمد يوسف ـ القاطن في مزرعة بيت بلول، صافيتا ـ وقد شاهدتُ بنفسي عنده كتباً مخطوطة قيمة يرجع تاريخها إلى عهد العباسيين المزدهر، كما شاهدتُ عنده آلات يونانية الطراز لرصد الكواكب، منها اسطرلاب دقيق الصنع، يضبط الشيخ المذكور بواسطته حصول الكسوف والخسوف بدقة غريبة.

وخلفت تلك اليقظة الطيبة الجامع الجميل في ( بيت الشيخ يونس ـ صافيتا ـ ) الذي شرع في ابتنائه كل من الوليين العظيمين المغفور لهما الشيخ غانم ياسين والشيخ عبد الحميد أفندي ـ الذي نسب إليه آنئذ أعمال سياسية فنفي إلى طرابزون وتزوج منها وعاد مكرماًـ ثم أتم الجامع المذكور الوليان الكبيران المرحوم الشيخ ياسين يونس والشيخ سليم الغانم سنة / 1286 هـ /. وقد قام المرحوم الشيخ ياسين الآنف الذكر بإمامة الجامع طيلة حياته وخلفه ولده الولي العلاّمة الشيخ محمد ياسين وسيأتي ذكره.

ومن آثار تلك اليقظة مسجد الخضر في ( تلة الطليعي ـ صافيتا ) وآخر في ( ضهر بشير ـ صافيتا ) وفي كل من هذه المساجد لا تزال حتى اليوم تقام الصلوات في الأوقات اليومية وفي الأعياد و الجمعات.

وفي ذلك العصر نفسه اشتهر بالفقه وعلوم اللغة العربية المرحوم الشيخ علي القاضي المعروف بالشيخ علي بدرة ( في صهيون ـ صافيتا ) وقد نُسب إلى أمه لأنه ربي يتيما عند الشيخ يوسف مي. و استقدمه الشيخ يونس ياسين إلى قرية بيت الشيخ يونس حيث نصبه قاضياً ومعلماً ولهذا عُرف هو وعائلته من بعده ببيت القاضي. و عنه أخذ اللغة نفر من أبناء العائلات الشهيرة نذكر منهم هنا اثنين فقط:

أولهماـ المرحوم الشيخ محمد ياسين الفقيه العابد حفظ القرآن الكريم في العقد الرابع من عمره، ودرس اللغة التركية بعد ذلك، وكان من ذوي الغيرة الفائقة على نشر العلم وإقامة السنة الشريفة، وله في هذا حوادث مشهورة، كما له شعر حسن في التوسل ومدح النبي الكريم وآل البيت الطاهرين وأولياء العصر.

وثانيهماـ المرحوم الشيخ عبد الكريم الحاج، تولى التعليم الحكومي في مدرسة بحنين على عهد متصرف اللاذقية المرحوم ضيا باشا، والقضاء المذهبي في طرطوس على عهد الانتداب، وله شعر عامر في مدح النبي الكريم وآل البيت الأطهار وأولياء عصره.

وكان فقيها عابدا وعالما غيوراً أخذ عنه الأديب الفاضل الشيخ محمد حامد  قاضي المحكمة المذهبية في مصياف.

وفي ذلك العهد نبغ في علم الفقه وخاصة في فرع الأرث الولي الكبير الزاهد العلامة الشيخ مصطفى مرهج المعروف بالسيد الجد الأكبر لعائلة بيت السيد ــ بعمرا ــ صافيتا وعنه أخذ ابنه الولي الزاهد الشيخ إبراهيم السيد وقد نبغ  كأبيه، ولهما في الزهد أحاديث تجدد عهد ابراهيم ابن أدهم الولي العظيم.

وانتهى نبوغ هذه العائلة الكريمة في الفقه إلى الشيخ محمد ابراهيم السيد كاتب المحكمة المذهبية في صافيتا سابقا وله جولات في تقسيم الارث تشهد على سعة اطلاع وذكاء خارق وممارسة طويلة، وكان في عصره مرجعا للجميع في تقسيم الارث.

و أبين ما فعلته تلك اليقظة الحميدة اتفاق أفاضل البلاد يومئذ على محاربة التفرقة العشائرية وفي طليعتهم الولي المغفور له الشيخ عباس جابر  الجد الأكبر لبيت العباس الطليعي صافيتا والولي المغفور له الشيخ ابراهيم مرهج الجد الأكبر لآل مرهج ( بيت ناعسة صافيتا) والولي المرحوم الشيخ عمران الزاوي الجد الأكبر لآل الزاوي (ضهر بشير صافيتا) وأفاضل العائلات السالفة الذكر آل الحاج، وآل ياسين وآل يوسف مي والمغفور له الشيخ حسين أحمد الجد الأكبر لآل محي الدين (جورة الجواميس ــ صافيتا) وبينه وبين الشيخ المغفور له خضر الأحمد الجد الأكبر لآل معروف مراسلات علمية فريدة وغيره وغيره من مشائخ العصر وجهادهم معاً في جميع الكلمة على البر والتقوى وجهودهم المتواصلة في نشر المعرفة والأخلاق الطيبة، وتشددهم في إقامة الشريعة الغراء رحمهم الله أجمعين.

ومن الآثار البارزة التي خلفتها تلك اليقظة، الولي المغفور له الشيخ ابراهيم عبد اللطيف (بيت ناعسة صافيتا) وكان أديباً كبيراً وعالماً فقيهاً وشاعراً مجيداً وله كتابات في (مجلة العرفان  ــ صيدا) وترجمة في الجزء السابع من المجلد التاسع في المجلة المذكورة ودرس عليه نقر أشهرهم الأديب الفاضل الشيخ يوسف ابراهيم اليونس قاضي المحكمة المذهبية صافيتا والولي الفاضل الشيخ محمد محمود جابر (تلة الطليعي ــ صافيتا) وهو عالم فقيه وأديب شاعر وأستاذ كبير درس عليه الشيخ علي عباس (بجوزي صافيتا) والشيخ يونس يوسف (تلة الطليعي) صافيتا هؤلاء كانوا يتمتعون بثقة طيبة تدل على فضلهم وأدبهم فالشيخ يونس علّم فنون اللغة لنفر من أبناء العائلات العلوية في كيلكيا والشيخ علي عباس باشر التعليم الخصوصي عشرين سنة في قريته (بجوزي صافيتا) وممن درس عليه هناك الأديب الكبير عبد الكريم الخير والشيخ حسين حرفوش اللذان سيأتي ذكرهما في بحثنا القادم عن يقظة الشمال.

ثم افتتح في أواخر الحرب الكونية مدرسة كبرى في قرية العنازة بانياس جمعت أكثر من مائة وعشرين طالبا وستة معلمين كلهم علويون وكاتب هذه الأسطر يفتخر بأنه درس أصول الدين واللغة فيها على هذا الأستاذ المبرز بسهولة الأسلوب وقصر مدة التعليم ولأسباب قاهرة لم تعمر  ــ مع الأسف ــ تلك المدرسة إلا عامين فقط.

والولي المرحوم الشيخ عبد الكريم محمد (مصطبة حمين ــ صافيتا) وكان علامة محدثاً وفقيهاً كبيراً وشاعراً مجيداً ويكفي شاهداً على فضله مجموعة مراثيه التي اشترك في تحبير قصائدها عارفو فضله وأدبه.[1]

ولو تقصينا ذكر المشاهير ممن أنجبت تلك اليقظة المباركة لاحتجنا إلى كتاب خاص، ولكننا نختتم موجزين بذكر علم من أعلامها وهو الولي المغفور له الشيخ علي سليمان (المريقب ــ طرطوس) صاحب المسجد في (الشيخ بدر طرطوس) والد البطل الخالد الشيخ صالح العلي المشهور وهو كأبيه عالم فقيه غيور على معالم الشريعة السمحاء.

في الشمال

لم تكن بوادر بشائر اليقظة الأولى ظاهرة في الشمال مثلها في الجنوب، وذلك لأسباب اجتماعية أهمها على ما أرى أن القسم الجنوبي من البلاد كان متعرضا أكثر من القسم الشمالي للاحتكاك مع البلدان المجاورة ومع الحكومة يومئذ ولهذا التعرض سبب هو أن مركز الحكومة في قضاء صافيتا كان في الدريكيش قلب البلاد الجنوبية، وسكان هذه القصبة هم مسلمون علويون أي من نفس الأكثرية الساحقة في سكان البلاد فكان ابن قرى صافيتا ــ زعيما كان أو فلاحاً لا يجازف بكرامته الشخصية إذا حضر إلى مركز الحكومة.

أما القسم الشمالي فقد كاد أن يكون فيما مضى بشبه عزلة تامة عن البلدان المجاورة وعن الحكومة لأن مراكز السلطة فيه كلها في المدن الساحلية ماعدا مركز (صهيون ــ بابنا) لكن سكانه مثل سكان بقية المراكز الساحلية مسلمون سنيون والعداوة كما لا يخفى كانت على أشدها بين الأخوين المسلمين العلوي و السني فكان ابن القرية عندما تضطره المصالح إلى زيارة مراكز الحكومة يعرض كرامته الشخصية والمذهبية إلى الهوان بأيدي الجهلاء من إخوانه أبناء المدينة وهكذا كان شأن ابن المدينة في القرية والحكومة في ذلك العهد كانت حكومة إرهاق  موظفوها كادوا أن يكونوا كلهم أنانيين ونحمد الله على أن ذلك العهد قد أمحي الآن فالحكومة اليوم هي منبثقة عن الأمة ساهرة على الإصلاح والمساواة والأخوان المتباغضان بالأمس بدأت معاهد العلم ومحن الزمان منذ أعوام تؤلف بين قلوبهم وترشدهم إلى المصلحة المشتركة بحكم الدين و اللغة  والوطن.

وقبل أن نبتعد كثيرا نعود إلى الموضوع فنقرر قضية اجتماعية، هي أنه من الثابت أن اختلاط البشر واحتكاكهم يسبب رقي الهيئة الاجتماعية لما يضطر إليه الفرد من بذل الجهود للمحافظة على كرامته والظهور بالمظهر اللائق المشرف، كما أنه من الثابت أن التقاطع أو حياة العزلة تسبب نشوء فروق ومميزات بين أبناء الأمة الواحدة المتقاطعة وعلى التوالي يسبب ذلك انحطاط الهيئة الاجتماعية بل اندثارها إذا طالت المدة ومن حسن الحظ فإن حياة العزلة التامة يندر وقوعها أو لا تكون البتة لكنما بقدر التقاطع والعزلة تكون الفروق ويكون الانحطاط و التأخر.

ولهذا السبب عينه كانت اليقظة في الجنوب أبين منها في الشمال ومع ذلك فقد بدت بشائرها بشكل يسترعي انتباه المؤرخ المدقق وهانحن نستعرض منها ما يأتي مراعين الترتيب بحسب السبق الزماني جهد المستطاع.

1ــ في دير ماما ــ قضاء مصياف

نبغ في الفقه الولي الكبير المرحوم الشيخ علي الناعم، الجد الأكبر لعائلة الناعم ــ غلميشة جبلة ودير ماما ــ مصياف، وقد كان  هذا العلامة الفذ معاصراً للمرحوم الحاج وجهابذة ذلك العهد وكان رحمه الله لا ينفق إلا مما يكسبه من عرق جبينه ومن الغريب أن عالماً فاضلاً كالشيخ علي الناعم كان يعيش من تعب كفيه بين المسلمين العلويين ــ وعلى الأخص في ذلك العهد بالإنفاق من سعة على العلماء العباد ولكنه الزهد الصادق ولكنه بعد النظر والرقي الفكري أيضا فإن هذا العلامة مارس صناعات يدوية أتقن منها اثنين هما البناء والصياغة وغرضه من ذلك علاوة على الكسب المادي تشجيع الأمة على تعلم وممارسة الصناعات وحبذا لو اقتدى به اليوم كثيراَ من شيوخنا الذي يجوبون البلاد لجمع ما ينفقونه.

2ــ  وفي الزويبية ــ جبلة 

نبغت عائلة بيت الحكيم بفن الطبابة على الطريقة الشرقية وخاصة فيما يتعلق بالعيون وأمراض الجلد يوم كان الطبيب الرسمي أندر من الخل الوفي.

وأشهرهم في ذلك العلامة العابد والفقيه المتمكن المرحوم الشيخ ناصر الحكيم  والطبيب الذائع الصيت المرحوم الشيخ عيسى الحكيم وخلف الشيخ ناصر ولده الفقيه العلامة الشيخ صالح الحكيم شيخ مشائخ المسلمين العلويين، وقد امتدحه وأقر له شعراً بالرئاسة الدينية أكثر علماء الشعب الشعراء ونخص منهم بالذكر الأساتذة الشيخ سليمان الأحمد، والشيخ حسين ميهوب، والشيخ حسن حيدر الذين سيأتي ذكرهم.

3ــ وفي البرازين ــ جبلة

نبغ في الفقه الولي العلامة المرحوم الشيخ محمد سلمان المزارع واشتهر بالغيرة الفائقة على تطبيق أحكام الشريعة الغراء ومحاربة الخرافات والعادات الدخيلة وكان رحمه الله يبالغ في ذلك إلى حد إنه كان يفتي بكراهية الأكل من الجذور المذبوحة في (القوزلي ــ رأس السنة الشرقية) مستندا إلى أنها في ما أُهل به لغير الله ويشفع له في هذه المبالغة أن بعض العامة كانوا يذبحون قبل (القوزلي) بيوم واحد ذبيحة يسمونها (ذبيحة الحرام).

وبفضل جهاد هذا العلامة وجهاد تلامذته المناصرين لفكرته الإصلاحية فقد أسرعت هذه العادات الدخيلة في طريقها إلى الاندثار واشتهر كذلك في التشديد على إقامة الصلاة لأوقاتها وصيام شهر رمضان المبارك ونشأ على ذلك أبناؤه من ذكور و إناث وأشهرهم ولده المرحوم الشيخ جعفر الذي كان  من الحفظة للقرآن الكريم واشتهر بالفقه والعبادة وللعلامتين الشاعرين الشيخ يعقوب الحسن والأستاذ الشيخ سليمان الأحمد قصيدتان فريدتان في رثاء المرحوم الشيخ محمد سلمان ومثلهما في حادث تسمم المرحوم الشيخ جعفر مما يدل على مكانة هذين الوليين الأب وابنه في الهيئة الاجتماعية.

4ـــ وفي قلع الدالي ــ جبلة

نبغ في الفقه واللغة المرحومان الشيخ محمد علي القلع ، وأخوه الشيخ أحمد علي وهما من تلامذة المرحوم الشيخ علي القاضي السالف الذكر في البحث السابق وقطن المرحوم الشيخ أحمد علي القلع في قرية القطرية اللاذقية وهناك وضع كتيباً في الفقه  المذهبي ليدرس في المدارس الأميرية تلبية لطلب متصرف اللاذقية في ذلك العهد المرحوم ضيا باشا الذي يجب على أبناء جبال اللاذقية أن يخلدوا ذكره في تاريخهم الاجتماعي بصحائف ملؤها الثناء الصادق والاعتراف بالجميل فقد قصر همه على تمدينهم وسلك إلى ذلك ثلاث طرق قويمة أولاها تقريبه أهل العلم والتقى واحترامهم واستشارتهم ثانيها العدل والصراحة في الحكم ثالثها إنشاء ثمانين مدرسة أميرية في كل منها مسجد موزعة بين القرى الآهلة بالسكان كل ذلك على نفقة الحكومة وانتقائه المعلمين في تلك المدارس من خيرة المشائخ حيث يتسنى ذلك.

لكن الخلاف العشائري المستفحل يومئذ في الشمال والحسد الذميم وقصر أيام المرحوم ضيا باشا كل هذه العوامل اشتركت في وأد كتيب الشيخ  أحمد علي المذكور قبل جفاف حبره تقريباً كما أدت إلى خنق فكرة ذلك الإداري المخلص والمحسن الكبير.

5ـــ وفي بشراغي ــ جبلة

نبغ في الفقه والشعر الولي المرحوم الشيخ يوسف علي الخطيب وهو من علماء الشعب الأفذاذ وعنه أخذ الفقه الأستاذ الشيخ سليمان الأحمد وكان رحمه الله ــ مرجعاً دينيا في محيطه رغم كثرة العلماء والصالحين وله مؤلفات في الفقه لم أطلع عليها مع الأسف ليصح لي التكلم عنها بصدق ودقة.

وفيها نبغ أيضا الفقيه العابد المرحوم الشيخ عبد الرحمن جمعة وكان من فطاحل العلماء الثقات ذوي الغيرة على الشريعة الغراء.

6ـــ وفي كنكارو ــ جبلة

نبغ في الفقه والحديث والفلك الولي المرحوم الشيخ عيس عمران وكان حجة يرجع إلى رأيه علماء عصره الجهابذة كالشيخ محمد سلمان المزارع والشيخ ناصر الحكيم الزويبة الأنفي الذكر وغيرهما.

7ـــ وفي زمرين ــ جبلة

نبغ المغفور له الشيخ يعقوب الحسن البريعيني وكان رحمه الله فقيهاً عالماً وشاعراً مجيداً ومفكراً ألمعياً، له قصائده عامرة في مدح النبي الكريم والأئمة الأطهار وعلماء الشعب المعاصرين له وكتابه تذكرة الحياة الروحية في وحدة الحقائق الدينية بشارة طيبة في بعت العصر الذهبي للمؤلفين العلويين وكان رحمه الله يتفرد بشدة الغيرة على وقت الشباب أن يضيع في قرض الشعر ويبالغ في النصح لمريديه بأن يوجهوا جهودهم الأولى نحو التضلع في العلوم و التروض على الأعمال الصالحة وله في  قصيدتان أرسل أولاهما إلى الأديب عبد الكريم الخير أثناء طلبه العلم في مدرسة الفرير اللاذقية وثانيهما أرسلها منذ بضعة عشر عاما  إلى الأستاذ محمد حمدان الخير.

ونبغ في الفقه والشعر ابن عمه المر حوم الشيخ علي حمدان البريعيني شب في كيليكيا  و الأستانة وكان يحسن اللغة التركية كأحد أدبائها وطار ذكره فوق ذلك بالغناء العربي يخدمه فيه صوت موهوب يأخذ بمجامع القلوب ومن دواعي الأسف أنه توفى في ريعان شبابه وقد رثاه ابن عمه الشيخ يعقوب بقصيدة تحوي أبلغ الرثاء وأصدق العواطف وخلفهما في الأدب المأسوف على شبابه المرحوم يوسف يعقوب  وكان كاتباً لبقاً وشاعراً رقيقاً عاجلته يد المنون عن إكمال روايته التمثيلية ( الإسكندر وداريوس ) وقد أطلعني رحمه الله على فصول منها تشهد بأدبه العذب وتضلعه في التاريخ.

8ـــ وفي القرداحة ـــ جبلة 

نبغ آل الخير ونخص منهم بالذكر المرحوم الشيخ عبد الله الخير تولى التعليم الحكومي في مدرسة القرداحة على عهد المرحوم ضيا باشا أخذ عن المغفور له الشيخ محمد سلمان (المزارع )إنكار ( القوزلي والبربارة ) وما يتعلق بهما من طقوس أجنبية عن المذهب الجعفري ( العلوي ) وبرز في محاربتها والتغلب عليها كما برز في دحض الخرافات المتسلطة على عقلية الجمهور من أمثال فكرة  الجن والتوابع والتنجيم والرمل و المندل وما شاكلها وبرهن بطريقة المدارسة و التجارب والنقد المغرق في الصراحة على أنها لا ترتكز على أساس من الحقائق العلمية.

أما الاستجداء داء المشائخ العضال فقد ناصبه العداء المحكم الصادق و له في مقاومته مواقف لا يزال بعض قصيري النظر من النقاد يعدها تطرفاً ذميماً وهو أول من جابه العادات من المشائخ بتعليم بناته القراءة والكتابة وكان رحمه الله بصيراً بعلمي التاريخ و الجفرافيا وكان متحمساً للعلم الحديث يبشر به ويصدق أخبار مخترعاته الغريبة وينشرها في محيط لم يكن بعد شاهد شيئا من آثارها الفعلية ومن رغبته الفائقة في نشر التعليم إقدامه على التضحية المادية ولم يكن غنيا في سبيل تعليم ولده الأديب عبد الكريم الخير الذي يعد بحق أول أديب مدرسي من المسلمين العلويين ولا يزال أصح الأدباء لغة كتابية وأغزرهم مادة و أسلسهم بياناً وهو إلى ذلك شاعر مجيد ولكنه أطال هجر الأدب مأسوفا عليه.

ونبغ في اللغة والشعر والفقه أخوه المرحوم الشيخ حمدان الخير، والد الأديب الشاعر محمد حمدان الخير.

كما نبغ في الفقه والزهد  الصادق المغفور له الولي الشيخ محمد المعروف بالدرويش الخير والبهلول لزهده وعبادته وقد كان من الحفظة للقرآن الشريف يتلوه بين الفجر وشروق الشمس كل أسبوع مرة واحدة وظل بيته في عهده الشريف مسجداً لقاصديه من الزائرين من سنيين وعلويين وقد أحسن البلاء في محاربة القمار كما أحسن في نشر معالم الشريعة الغراء في وسطه الجبلي.

واشتهر في الفقه والقضاء أخوهم الشيخ أحمد ديب الخير، قاضي قضاة العلويين ردحاً طويلا والنائب الإداري سابقا، وكذلك أخوهم الشيخ عيد الخير الذي يلقب بــ ( المحكمة المتنقلة ) لاشتغاله بفصل الدعاوى صلحاً بين أبناء الجبال وهو من الحفظة للقرآن الكريم وهو مشهور كذلك بمحاربة المسكرات والقمار.

 

9ـــ  وفي كيمين ــ الحفة و السلاطة ــ جبلة

حمل مشعل اليقظة العصامي الفاضل والعلامة الكبير الأستاذ الشيخ سليمان الأحمد وقد فاق المعاصرين في كافة فنون اللغة العربية وبرز في معرفة ضبط مفرداتها وشرح ألفاظها حتى أطلق عليها بعض الشباب لقب ( القاموس الناطق ).

ولشهرته في اللغة جعل عضواً شرفياً في المجمع العربي بدمشق وهو أول من نشر شعراً من أبناء الجبال على صفحات المجلات وله في مجلة ( العرفان ) قصائد عامرة مها قصيدته الفريدة في الوئام ونبذ التفرقة الذميمة و جلى في تعليم الفقه واللغة وعنه أخذ نفر من أبناء الجبل نخص بالذكر هنا ولديه الأديبين الشاعر الكبير النائب محمد سليمان الأحمد المشهور بلقب ( دوي الجبل ) وقائدة الأديبات بين فتيات الجبل الشاعرة الكاتبة فاطمة سليمان الأحمد المعروفة بلقب ( فتاة غسان ) وزوجها الشاعر الأديب كامل صالح معروف ( القليعات صافيتا ) وغيرهم.

وقل أن تجد بين أدباء الجبل الناشئين من لم يفد أدباً من الأستاذ اللغوي الكبير الشيخ سليمان الأحمد إن لم يكن مباشرة بالدراسة عليه فعن طريقة التأثر بأدبه الجم وشعره السائر.

وكاتب هذه الأسطر يفخر بأنه تتلمذ على يديه مدة لم تطل مع الأسف في فنيّ المعاني والبيان كما قرأ عليه جانبا كبيرا من شعر أبي الطيب المتنبي وأبي تمام والمعري وحبذا لو نشر شيخنا  فصوله من دراساته الأدبية عن هؤلاء الشعراء الثلاثة وعن الشريف الرضي لأنه يكاد يكون منقطعا لدراستهم منذ نيف وعشرين عاما و عساه  يتحف المكاتب العربية بمؤلف عصري عن هؤلاء الشعراء فيسجل التاريخ اسماً بين عداد الأدباء الكبار في عصر رمي فيه هذا الشعب بوصمة الوهن الفكري وشيخنا الجليل هو فوق ما ذكرناه فقيه ثبت وعالم ديني مجدد ومحدث لسن وجوال بين أبناء الشعب موفور الكرامة أينما حل ركابه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

دعاة التجديد وتأثيرهم وامتهانهم

 

قام في البلاد منذ فجر هذه اليقظة التي نتكلم عنها إلى عصرها دعاة للتجدد أثروا تأثيراً بيناً نستعرض ذكرهم مختصرين جهد الإمكان.

1ـــ في الجنوب: إن أشهر دعاة التجدد في الجنوب هما المرحومان الحاج معلا، والشيخ يونس ياسين المذكوران في أبحاثنا السابقة وتنحصر دعوتهما في ضرورة الخروج على العادات الضارة التي خلفها عصر الانحطاط وقد برزا في محاربة عادتين:

الأولى: عادة التستر في إقامة الصلاة أفرادا وجماعات فقد كان من المتسحب أن يبالغ المصلي في التخفي والتحجب أثناء إقامته للصلاة حتى عن ولده أو أخيه او زوجته فضلاُ عن غيرهم وكذلك المصلون جماعة وحجتهم في ذلك الهرب من المراءات والمبالغة في طلب الثواب وبسبب هذ التخفي طالما رمي العلويون بشتى التهم الكاذبة وقد تغلب ذلك المجددان الفاضلان على هذه العادة الممقوتة ولكن ليس في طول البلاد و عرضها بل في بعض القرى وبين بعض أبناء العائلات فقط حيث بنيت مساجد للصلاة كما ذكر.

والعادة الثانية هي: عدم تعليم الطلاب الفقه والحديث إلا بعد المبالغة في ابتلائهم واختبار ومراقبة سلوكهم الأخلاقي شهوراً وأعواماً وحرمان من لم يثبت صلاحه واستقامته.

وهذه العادة من مخلفات عهد الخوف والحذر الماضي فاقتصرت بسبب ذلك دراسة الآداب الدينية على افراد من الخاصة وقد نجح ذالك المصلحان أيضا في محاربة هذه العادة نجاحاً باهراً بانتدابهما أفاضل المعلمين ودعوتهما أبناء الشعب إلى ينبوع العلم وبذلك كثر العلماء وانتشر العلم الصحيح وانتدثرت تلك العادة المملة المضنية.

وقامت بعد تلك الآونة دعوة ثالثة للتجدد لم نستطع بعد التدقيق معرفة البادئ بها تلك هي الدعوة إلى نبذ التفرقة العشائرية والانضمام تحت راية الأخوة الدينية عملا بقوله تعالى: { إنما المؤمنون أخوة } ومع الأسف فإن هذه الدعوة لم تنجح إلا إلى أمد قصير وذلك بسبب تولي أحفاد الذين قاموا بها الزعامة العشائرية فقضت مع الأسف قبل أن يشب عليها الجيل فيلمس منافعها ويجني فوائدها.

2ـــ في الشمال: إن أسبق دعاة التجدد في الشمال هو المرحوم الشيخ علي الناعم السابق الذكر ودعوته إلى التجدد برزت في تفضيله الكسب بالعمل اليدوي على الكسب بالاستجداء من أموال الصدقات والأوقاف العادة التي أورثها عصر الانحطاط أكثر رجال العلم في البلاد فصاروا عالة على المجتمع وشاركهم بل سبقهم إلى هذه المعيشة المخجلة أدعياء العلم الذين كثروا وأكثروا من التطواف للاستجداء حتى برم بهم الناس وحتى وصم هذا الشعب بعار الاستجداء الشائن ومع الأسف لم تلق دعوة ذلك الفاضل الوسط المؤاتي فقضت بقضائه.

ويليه المرحوم الشيخ محمد سلمان وهو من سبق ذكره أيضا ووضحت دعوته في نشر أعلام الشريعة الغراء والمبالغة خاصة في مراقبة تطبيق أحكام الصيام منها وفي محاربة العادات الدخيلة التي لاترتكز على أساس ديني كما سبق وبيناه في محله ولم يلق جميع أولئك المجددين لا في الشمال ولا في الجنوب أقل امتهان للكرامة بسبب تجديدهم المذكور وذلك لسبقهم في القضيلة وعلو مكانتهم في التقى وزيادة تبحرهم في العلوم الدينية.

واشتهر من دعاة التجدد في الجنوب والشمال الشيخ علي العباس ودعوته برزت في  ضرورة انشاء كلية وطنية مذهبية تدرس كافة أنواع العلوم بجانب علمي اللغة والفقه اللذين كان يقتصر على تعليمهما كما يلاحظ من أبحائنا السابقة ولهذه الغاية أنشأت مدرسة ( العنازة ) التي عاشت سنتين وبثت روح الغيرة الحميدة فافتتحت مدرستان غيرها كما تقدمت الاشارة إلى ذلك في بحثنا السابق.

ومن مشاهير دعاة التجدد كل من الفاضلين المرحوم الشيخ عبد الله الخير والأستاذ الشيخ سليمان الأحمد المترجمين سابقا ودعوتهما إلى التجدد تناولت أموراً كثيرة أهمها:

*  ـــ محاربة العادات الدخلية

*  ـــ محاربة الخرافات

*  ـــ تعليم البنات

*  ـــ نشر الآراء الحرة الاجتماعية والعلمية الحديثة

واستقل المرحوم الشيخ عبد الله ببعث فكرة المرحوم الشيخ علي الناعم الاصلاحية فحارب الاسجداء وأبلى فيها بلاءً حسناً كما استقل استاذنا الشيخ سليمان الأحمد بإعلان دعوته الاصلاحية في شعره على صفحات المجلات وبالسعي  إلى التعارف مع اخواننا في  ( جبل عامل ) يشاركه في هذا العلامة المرحوم الشيخ ابراهيم عبد اللطيف وهو ممن سبق ذكرهم أيضا.

وقد نال سفها من هؤلاء المجددين كثير من خاصة الشعب وعامته مدة غير قصية ناسبينهم في تجددهم إلى حاجات ومآرب شخصية لا لمجرد الإصلاح وحب الخير لكن الشعب لم يلبث أن أصاخ السمع لهم وعرف فضلهم فانالهم بعض مايستحقونه من التكريم وسيعرف أبناء المستقبل كيف يخلدون ذكراهم إن شاء الله.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بشائر اليقظة الثانية

 

يرى المدقق في أبحاثه أن اليقظة الأولى كانت داخلية بحتة، أي أن ناشريها كانوا من المسلمين العلويين أنفسهم لا من سواهم، حتى أن فكرة المرحوم ضيا باشا، السابق الذكر، لم تنشر إلا على أيدي المعلمين من المسلمين العلويين، وكذلك فإنها مقتصرة على دراسة علوم الشريعة وفنون اللغة العربية، مضافاً إليها شيئاًَ من علمي الفلك والطبابة، لكن اليقظة الثانية أنتجت طرقاً جديدة أخرى، فقد تناولت درس العلوم العصرية واللغات الأجنبية في مدارس أميرية و خصوصية وطنية و أجنبية، خارج المحيط العلوي، فانتشر أبناء العائلات يطلبون المعارف، وأسبقهم في ذلك الزعيم المعروف عزيز الهواش، محافظ حوران، لكن الحرب العامة اضطرته إلى ترك السنة الرابعة من دراسته الطبية، كما حرمت الزعيم النائب محمد جنيد، وعلي الكنج، المفتش الإداري في اللاذقية، والأديب عبد الكريم الخير، الأستاذ المعاون والمفتش للتعليم الأولي في المحافظة، وغيرهم....من إكمال دراستهم الثانوية في مدارس اللاذقية، بانياس، حمص، وغيرها...ولم تكد الحرب العالمية الأولى حتى سارع العلويون زرافات ووحداناً إلى المدارس يروون ظمأهم بورد أنواع المعارف المختلفة. ولعرض ذلك بوضوح أرى تقسيم البحث عنه كما يلي:

1- التعليم الإبتدائي:

أقبل عليه أبناء الطبقة الوسطى، وكثير من أبناء الجمهور، والمدارس التي قامت بنشره هي المدارس الأميرية وبعض المدراس الخصوصية، ولولا جعل اللغة الفرنسية إجبارية في التعليم الإبتدائي، وعدم انتقاء المعلمين الأكفاء، وعدم متابعة الحكومة المنتدبة للإكثار من المدارس بين المسلمين العلويين، وعلى الأخص في السنين الأخيرة، أجل لولا هذه الأسباب الثلاثة لكان التعليم الإبتدائي انتشر بين هذه الربوع انتشاراً يقلل الأمية إلى عشر ما هي عليه الآن.

2- التعليم الثانوي:

وطلابه أغلب أبناء الطبقة العالية. وكثير من أبناء الطبقة الوسطى، ونفر قليل من أبناء العامة ذوي اليسار و قد وقفت في وجه انتشاره بشكل أوسع ثلاث عقبات.

*  الأولى: كون النفقات باهظة.

*  الثانية: مفاجأة الضائقة المالية للبلاد.

* الثالثة: معاكسة الموظفين السياسيين في حكومة الإنتداب للمعلمين المسلمين العلويين، وسدهم باب الأعمال الحكومية ( الوظائف ) في وجوههم استدراجاً إلى استعمار البلاد بترك الأغلبية الساحقة فيه على جهلها.

ومن الاعتراف بالفضل أن ننوه ما للكلية التجهيزية في اللاذقية، وللكلية الوطنية سابقاً في طرطوس وبانياس، وللكلية التجهيزية العلمية الوطنية في دمشق، من خدماتٍ جلى، مادية و معنوية، مباشرةً وغير مباشرةً، في نشر التعليم الثانوي بين المسلمين العلويين.

3- التعليم العالي:

وقد انتشر بعض الانتشار رغم ما يحتاجه من باهظ النفقات و رغم أن الساسة المنتدبين كانوا يثبطون عزيمة طلاّبه من المسلمين العلويين، ومن البرهان على ذلك أنهم لم يسمحوا طيلة هذه الخمسة عشر عاماً بصرف مساعدات مالية من الخزينة في سبيله لغير اثنين من طلاب الطب فقط، أما فروع التعليم العالي الباقية فلم يتسن لأحد من طلابها الحظوة بمثل تلك المساعدات، ومع هذا فقد نبغ من الشباب حملة الشهادات العالية في الحقوق كل من الأساتذة: منير العباس وأخوه شوكت العباس ( الطليعي ـ صافيتا ) نائبا صافيتا و تلكلخ، وجميل العبد الله ( فارش ـ بانياس ) عضو محكمة الاستئناف في اللاذقية، وابن عمه عبد الله العبد الله المنشئ في ديوان وزارة الداخلية في دمشق، ومحسن علي عباس ( القطرية ـ قضاء الحفة ) عضو محكمة الجزاء في اللاذقية ( وهو مجاز في الأدب علاوة على الحقوق )، وكلهم خريجو الجامعة السورية ما عدا الأستاذ شوكت العباس فهو خريج ( السوربون ـ باريس )، ومحمود مهنا ( الحميمين ـ جبلة ) عضو محكمة الجزاء في طرطوس وهو خريج ( جامعة اليسوعيين ـ بيروت )، ويوسف تقلا ( طرطوس )، وعبد الرحمن بركات ( خربة القبو ـ تلكلخ)، وهما مجازان من مدن الجامعة السورية. وإبراهيم عثمان ( اللاذقية ) وهو مأذون في المرافعة لدى المحاكم الصلحية بقرار من نقابة المحامين في اللاذقية يصدقه قرار من حاكم الدولة ( المسيو شوفلر )، ومحيي الدين مرهج ( بيضة الشيخ مسلم ـ صافيتا) مجاز من السوربون ـ باريس . وفي الطب الدكتور وجيه محي الدين ( جورة الجواميس ـ صافيتا ) مجاز من الجامعة السورية. والدكتور علي سليمان الأحمد( السلاطة ـ جبلة ) مجاز من السوربون ـ باريس ) وفي الهندسة الكهربائية جميل عثمان ( عين جاش ـ صافيتا ).

 

 

بين التجدد والمحافظة

 

قامت شبه حركة عداء بين المتجددين، و نعني بهم النابهين من طلاّب المدارس الثانوية والعالية ومن بعض المتعلمين، على الشيوخ المسلمين العلويين، وبين المحافظين، ونعني بهم جمهور المشايخ من المتشبعين بالتقليد، وبعض من الشباب الدارسين على الأساتذة العلويين، رجال اليقظة الأولى، فقد أنكر المحافظون على المتجددين أمور نرتبها بحسب أهميتها كما يلي:

1) تقديم دراسة العلوم العصرية على دراسة العلوم الدينية، واشتغال بعضهم من أبناء المشائخ بالأدب والسياسة بدلاً من التخصص للتعبد ودراسة الآداب الدينية.

2)  انتقاد بعض رجال الدين ومحاولة هدم بعض العادات المألوفة.

3)  خروج البعض على الأخلاق وارتكابهم بعض المكروهات العرفية.

4)  نظم الشعر العاطفي بدلاً من الشعر الديني.

5)  تقليد الأجانب بالأزياء والعادات.

وأنكر المجددون على المحافظين أموراً منها:

1) إغفالهم دراسة العلوم اكتفاء بالفقه المذهبي، ورغبتهم عن كل الأعمال الاجتماعية والسياسية تواكلاً على القدر الإلهي.

2)  عدم تنظيم الأعمال الدينية بالضرب على يد كل منتمٍ إلى المشيخة وهو لا يفهم منها شيئاً أو لا يتقن عمله فيها.

3)  مبالغتهم في التقليد لكل مأثور سواء قلّ حسنه أو بان عدم ملائمته للزمان والمكان.

4)  تسرعهم في الحكم على الظواهر والفلتات، وتعميم التهمة إذا عرض من البعض ما يدعو إليها.

5)  تعمد العزلة التقشف بشكل يجعل مظهرهم مستهجناً.

وتطرف بعض الشيوخ المحافظين في التحمس، فرمى كثيراً من المجددين بالمروق من الدين، وقابله. بمثل تطرفه بعض المتجددين فأعلن عدم صلاح نفر عديد من المحافظين، ورمى هذا النفر بسوء النية و التأكل في الدين و الانطواء على غير ما يتظاهر به من تدين وتقوى.

 

 

 

 

 

 

 

نقص اليقظة الحاضرة في بعض نواحيها

 

إن اليقظة الحاضرة هي غير شاملة لأنها لم تتناول الثقافة ( الدينية المذهبية )، مثلما تناولت النواحي الثقافية الأخرى، ولم تهتم الاهتمام الكافي بالثقافة ( الحرفية الصناعية ). بل بقيت محصورة بالمعارف النظرية التي تؤهل للوظائف في الدوائر الحكومية وبعض المؤسسات التابعة لها.

ومعلوم بالبداهة أن ( الوظيفة ) لا تزيد من تأمين ( المعاش ) وتمكين الموظف من تعليم أبنائه في مرحلتي التعليم الابتدائي والمتوسط، ومرحلة التعليم الثانوي أحياناً قليلة، ونادراً مرحلة التعليم الجامعي لبعض العلوم النظرية.

ولهذا قلما يجد الباحث في آثار هذه اليقظة أطباء أو مهندسين، وفقهاء مذهبيين، أو صنّاع مهرة، أو تجار من الدرجة الأولى فضلاً عن العالية. كما ينذر أن يوجد من أهلته لتولي مسؤولية مرموقة في مراكز الدولة.

 

 

 

 

 

خاتمة

وبعد كل ما سبق ذكره في هذا البحث، فإن البصير المخلص يمكنه أن يتفاءل بأن المستقبل يبشر بتحسن الأحوال المعاشية و الاجتماعية والفكرية، وأن يتشاءم بتأخر الأحوال ( العقائدية ) بسبب عدم إعارتها الاهتمام اللازم لتحسنها.

 

 

 

طباعة و تقدمة موقع : 

"العلويون الأحرار"

www.alaweenonline.com

 


 

[1] للتوسع انظر ملحق هذا الكتاب