رد الدكتور أسعد علي على الطنطاوي مفتي الديار المصرية


أصدر مفتي الديار المصرية الطنطاوي فتوى مماثلة لفتوى شيخه وإمامه ابن تيمية

حيث كفر المذاهب والفرق الإسلامية التي تخالفه واعتبر أن العلوية والإسماعيلية

والدروز فرق ضالة كافرة وغير مسلمة وحلل وحرم .... الخ

كما جاءت فتوى ابن تيمية وزاد عليها كي يرضى عليه أسياده الصهاينة

والمتصهينين الذين دفعوه كي يصدر هكذا فتوى . !!!

وجاء الرد من قبل العلامة الدكتور أسعد علي من خلال المقابلة التي أجرتها معه

مجلة سومر سأنقلها حرفياً توخياً للأمانة والصدق في النقل .

العلوية طريقة علي في فهم الإسلام

د. أسعد علي في سطور

- مواليد 5 نيسان عام 1937 في اللاذقية – جبلة - من قرية قرن حلية

( جبل السلام )

- دكتوراه في الآداب جامعة كلية الإلهيات والمعارف الإسلامية عام 1967 .

- دكتوراه في الفلسفة من الجامعة اليسوعية 1972 .

- إجازة في الحقوق .

- له العديد من المؤلفات المنشورة والتي هي قيد النشر .

- دكتور محاضر في جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية .

- أمين عام الإتحاد العلمي للمؤلفين باللغة العربية

( فرنسا ، أمريكا ، بريطانيا ) .


كان اسمه أول المرشحين لــ (( سومر )) الباحثة عن عَلَم متمكن ينزِّه العلوية من

ادعاءات باطلة أُلحقت بها وهي منها بريئة .

ونظراً لما عرف عنه ، كإمكانية فكرية – دينية – ثقافية واجتماعية لم نفاجأ بسرعة

استجابته وعمق رده وسعة إطلاعه وكان معه الحوار التالي :

س – هل يمكن اعتبار المذهب العلوي مذهباً دينياً .. أم مذهباً اجتماعياً ..

أم فكراً فلسفياً أمن سياسياً .. أم هو مجرد فكر ديني صوفي ..؟

.. وهل يمكن تحديد فترة زمنية معينة لظهوره وما هي مراحل تطوره وأهم

المتغيرات فيها ؟

ج – من الملاحظ أنك تنطلق من مكان ما من قضية ما ..

مؤرخة في 28 أيلول عام 1991 .

وهذه ذكرى حزينة بالنسبة لي لأنها ذكرى وفاة جمال عبد الناصر وذكرى

الانفصال . وأنا أظن أن هذا الذي كتب في هذه الصفحة في هذا التاريخ . محزن

مثل وفاة عبد الناصر ومحزن مثل الانفصال بين سوريا ومصر . لأن ما نشر هو تفريق

وتمزيق بين متحدين ...

تسأل عن عقائد إسلامية .. بالضرورة هي عقائد إسلامية وما دامت عقائد

إسلامية فما وجه السؤال بأنها صحيحة أو غير صحيحة ، إنها عقائد إسلامية سواء

أخذت إسماً باكستانياً أو إيرانياً أو سورياً ...

كلها تنتمي إلى الإسلام .. والطرائق إلى الحق على عدد أنفاس الخلائق كما

يقول أمير الكلام وحكيم الإسلام وخاتم الراشدين . كما أن كل خلق بحاجة إلى

تنفس الهواء ، فكل مخلوق بحاجة إلى الحق ولا أحد يستطيع أن يعيش بلا حق ،

قبل قليل كنتم تتحدثون عن الشيوعية .

الشيوعية عاشت فترة من الزمن تكابر أن لا وجود لله ، لكن الشيوعية تهدمت من

ذاتها ، وكل من يتنكر للحق ويكابر للحق سوف يسقط من ذاته ، بأي إسم جاء ،

لذلك نحن نعتقد أن الطرائق على عدد أنفاس الخلايق .

والإسلام دين الفطرة ، وما أحد يوجد بغير فطرة .. الإسلام استوعب الناس

من كل الملل .. من كل الفئات .. أخذ عبدة الأصنام وجعل منهم مسلمين ،

فكيف نقول عن عقائد إسلامية هل هي إسلامية .. هي إسلامية بطبيعة

الحال .. إنما هناك درجات لفهم الإسلام ..

وكما يختلف الفهم من طالب ابتدائي إلى طالب إعدادي وثانوي وجامعي ،

كذلك بالنسبة إلى الإسلام فهناك أناس كانوا أقرب إلى رسول الله (ص)

وأقرب إلى وعي القرآن الكريم من سواهم .. تسأل عن مذهب علوي ..

ليس هناك شيء اسمه مذهب علوي .. هذا كلام يوجد مذهب آل البيت ...

ومذهب آل البيت يرتكز على علي (ع) ، وعلي بن أبي طالب (ع) عند كل

المسلمين هو خاتم الراشدين وكما أن محمداً (ص) كان خاتم الأنبياء وعليهم

أن يقتدوا به ، كذلك علي خاتم الراشدين وعليهم أن يقتدوا به وهذا وجه بسيط

وظاهر لدى السنة والشيعة تنتمي إلى علي بهذا المعنى فمذهب آل البيت هو

المذهب العام الذي يلتقي به هؤلاء جميعاً وللاستزادة في الأمر يمكن الرجوع إلى

كتاب ( روضات معرفة الله والقيم النقدية ) ، ومراجعة فتوى الشيخ علي الزعبي

صاحب كتاب لا سنة ولا شيعة .

فالعلوية طريقة علي (ع) في فهم الإسلام .. فإذا كانت كذلك فمن التأكيد

أنها وباعتراف الكل عقيدة إسلامية لكلمة سنية فالعلوية ليست مذهباً من

المذاهب .. بل هي طريقة علي في فهم الإسلام ، أي الشريعة الإسلامية

وعلي (ع) خاتم الراشدين .. ففي مكة المكرمة عندما يصلون الجمعة يختمون

بعلي (ع) .. وبعد علي لا يذكرون أحد ، فالعلويون ينتسبون بالتسمية إلى علي

(ع) أما تاريخ ظهورها فقد ظهرت منذ كان علي (ع) . وللاستزادة يمكن الرجوع

إلى كتاب (علاقة التصوف بالتشيع ) لمصطفى الشيبي ..

ويقول فيه تكونت العلوية في أيام علي (ع) وفي أيام رسول الله (ص) .

س – وهل بقيت حتى الآن كما تكونت ؟ أم دخلت عليها عناصر جديدة ..؟ أم تطورت ؟

ج – وهل بقي الإسلام في مكة ..؟ الرسول كان في مكة ..

ودعا إلى الإسلام في مكة .. لكنه هُجِّر من مكة ، وحاول الناس اغتياله هناك ،

ثم خرج من مكة .. لكنه الآن في اندونيسيا وهناك مائتا مليون مسلم يقولون

نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله .. فكل شيء يتطور ويمتد ..

والآن أنا أفهم علياً (ع) .. وأكتب شرحاً لنهج البلاغة .. كل ما كتبوه عن نهج

البلاغة مهم لكن أنا أرى في نهج البلاغة أموراً جديدة .. ما انحبس تطور الفهم عند

حد من الحدود ... والعلوية كما تكونت في أيام علي هي النظرية ... مثل نظرية

حروف الجر ، التي تجر الأسماء ، قد يخطىء الناس في حروف الجر ويقولون كلاماً

مغلوطاً ، لكن هذا لا يؤذي النظرية بشيء ، فالعلوية طريقة علي (ع) في فهم

الإسلام ولا شيء آخر .. فمن لا يتحدث باللغة الفصحى ، لا يعني أن الفصحى لا

قواعد لها فهي طريقة وليست مذهباً .. لما حدّث عن رسول الله (ص) في نهج

البلاغة قال : ( بعثه والناس ضلال في حيرة ، وخاطبون في فتنة ، قد استهوتهم

الأهواء ، فاستزلهم الكبراء ، واستخفتهم الجاهلية الجهلاء ، حيارى في زلزال من

الأمر ، وبلاء من الجهل .. ) وبالغ (ص) في النصيحة ومضى على الطريقة ، ودعا

إلى الحكمة والموعظة الحسنة .. فالنبي عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام

مضى على الطريقة .. ترى ما هي الطريقة ؟

الطريقة هي سنة الله التي لا تجد لها تبديلاً ولا تحويلاً .. وسنة الرسول (ص)

تطبيق لسنة الله .. هؤلاء مضوا على الطريقة ولذلك تقول العلوية طريقة علي (ع)

في فهم الإسلام وليست مذهباً فرعياً أو نسبياً .

س – إذا كانت العلوية كما أشرتم دكتور أسعد طريقة علي (ع) في فهم

الإسلام .. فهل سمة طرق أخرى ؟

ج – نحن نعتقد أنه يوجد إسلام واحد في الحقيقة ، وعلي بن أبي طالب (ع)

لم يكن يدعوا للفرقة وكان يقول (( من دعا إلى فرقة فاضربوا عنقه ولو تحت عمتي

هذه )) وليست في حياته مخالفة واحدة لرسول الله (ص) ،

ولا توجد فتوى باسمه ، كل الفتاوى من القرآن ..

فطريقة علي (ع) في فهم الإسلام هي الإسلام .

س – يقول صاحب الفتوى ، فكر فلسفي ديني ناتج عن فلسفات وخاصة

فلسفة أرسطو وهذا ( برأيه ) ينطبق على الإسماعيلية والدرزية وشمل

النصيرية (العلوية ) فما صحة هذا الكلام ؟

ج – أعتقد أن هذا الرجل لا يعرف اللغة ، لا يعرف التاريخ ،

وهو أيضاً جاهل للقرآن ، صحيح أنه مفتي الديار المصرية لكن شتان بينه وبين

الشيخ محمد عبده الذي كان يجمع الدنيا ويؤلف حول الإسلام .

هذا لا يعرف كل هذه الأمور ولم يقرأ القرآن ولم يسمع أن القرآن الوحي أخذ قصة

حكيم مثل لقمان وصاغها في سورة سماها سورة لقمان .

عجيب ، هو رجل لا يحمل المناقشة بشيء لأنه جاهل لكل ما يقرأ .

س – هل يمكن اعتبار الفكر العلوي نتاجاً محلياً .. ؟ أي أنه منبثق عن

جماعة من الناس عاشت ضمن ظروف معينة وأنتجت فكراً هو عبارة عن تفاعل

اجتماعي محدد في بيئة اجتماعية محددة .. ؟

ج – الذين تعاملت معهم من العلويين مثل المكزون السنجاري يقول :

(( ودعوتي جامعة للورى )) يدعوا بها المؤمن والكافر ، أي أنه يقول أنا مؤمن ، لكن

الكفار ليسوا خارجين عن اهتمامي أنا المصلح ، والمسيح ( عليه السلام ) كان

يقول ( إنما بعثت لخدمة الخطاة ) ..

وسأعود قليلاً لأقول أن حضرة المفتي واضح أن معرفته اللغوية قليلة لأن صياغته

اللغوية لا تصلح في مقاييس أهل البلاغة ، وبالتالي حكمه في اليهود والنصارى

والأشلاء التي جمعها لا تدل على معرفته الفلسفية والتاريخية ، فهو لم يدرك

الروح القرآني الجامع .. يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها الذي لم يغادر صغيرة ولا

كبيرة . الذي لم يدرك عظمة الخالق الذي أخذ بناصية كل دابة .. هذا الإله العظيم

الذي يفكر بالنملة ، أين مستقرها ومستواها ويعرف عنوانها المؤقت والدائم ويرسل

إليها رزقها هو إله الكل ... ومن يقول دعوتي جامعة للورى مستوعب لدعوة الله ...

والكفر هو الإحتجاب ، كل أهل مكة كفرة ، وصاروا هم المسلمون ، الذين قاتلوا

رسول الله هم الذين نشروا الإسلام فيما بعد ، فإذاً ، ليست نتاجاً محلياً بالمعنى

الذي نقوله ، الذين عرفتهم من الفلاسفة العلويين مثل المكزون السنجاري

والمنتجب العاني .. كل واحد يتكلم عن وحدة الخالق .. وحدة السماء .. وحدة

الظاهر والباطن ..

المنتجب العاني ( الذي كتبت عنه رسالة دكتوراه ) يقول

 

موسوي وموسوي مسيحي أنا وإلى محمد رحت عن قصد ببرهان

فسمني وادعني في كل منزلة بمسلم ويهودي ونصراني

شرطي الوداد وأهو من يدوم على حفظ الوفاء وأشعر كل خوان



باختصار أقول .. أصل الحب خلاصة الأديان ، فمن يرتد منكم عن دينه

فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ، إذاً لا ليست نتاجاً محلياً وليست محلية .

س – ما الذي قصدته بالمحلية لم أعن فيه وجودها وبقاءها في مكان

واحد أو وقفاً على شعب محدد بل الذي عنيته هو هل صحة وجود لأفكار دخيلة

آتية من اليونان وفارس أو أي حضارة أخرى ؟

ج – هذا الكلام مردود أيضاً .. فالمعتقد أن العرب أخذوا كتب اليونان

والفلاسفة وترجموها .. أي أن العرب لا شيء .. نحن لم نقل هذا ..

قلنا لا إنهم أخوة معرفيون وأنا أصلي ، لا أصلي بطريقة أرسطو ..

قد يكون أرسطو صلى ، ولكن أنا أيضاً أتصل بالله تعالى ..

فالصلاة صلة بين العبد وربه .. كل منا يأخذ من النبع الأعظم .

س – يعني أليس هناك علاقة بين الفكر الفارسي والفكر العلوي ؟

ج – أليس هناك علاقة بين كل مخلوق ومخلوق .. بالتأكيد هناك

علاقة بفارس واليونان واللآتين وكل أهل الأرض . لأننا كلنا عبيد لإله واحد .

العرفانيون أخذوا والتزموا بالقرآن منهجاً وهذه التجارب القرآنية أو هذا الوعي

القرآني صاغوه أو تحدثوا عنه .

هذا المقصود بالمحلية .

وعندما كنت في اليسوعية أرى كيف كان الناس يشيرون ويقولون هؤلاء نصارى

وكان النصارى كفار .. في الحقيقة كنت أجدهم أحبائي ...

 

قريتي الدنيا وأهلي من عليها
كل حي مثل قلبي صار قلبه


 



فإذاً نعم لهم صلة بكل الدنيا كل مخلوق يتصل بالمخلوق الآخر عن طريق الهواء ألا

يتنفس كل منهم الهواء ؟ ولأننا نتجه إلى إله واحد فكلنا نلتقي . فما المشكلة من

التقائهم بالفرس أو بغير الفرس ؟

الشيوخ الأكابر مثل ابن عربي مثلاً يقول : وعقدت جمع ما عقدوه ..

وأتساءل ما المشكلة إذا التقوا بالفرس .

س – من المعروف أن ميتولوجيا منطقة الهلال الخصيب محاولة إسباغ

ثوب الإلوهية على الرجال العظماء .. ويمكن الإستدلال على ذلك بالرجوع إلى

ملحمة جلجامش وهو ملك سومري وأدونيس الفينيقي وهم رجال كرموا بصفات

ترقى بهم إلى مستوى الآلهة لأعمالهم العظيمة ..

فهل يمكن أن ينطبق هذا القول على الإمام علي بن أبي طالب (ع) وهو المعروف

ببلاغته وسموه وعظمته ؟

ج – الواقع أنه ضمن نفس السياق الذي وضعته مع جلجامش وغيره اختلف

الأمر فمن هو جلجامش هل قرأت ما كتبه البهبيتي عن جلجامش وعن ملحمة

جلجامش .. كتب نحو ألف ومائتي صفحة بعنوان المعلقة العربية الأولى ويعتقد

بقدرة قادر أن جلجامش هو ذو القرنين ويصل إلى أنه حمل حمولة ستين سفينة

وأنزلهم بأمريكا وبالتالي الهنود الحمر هم من البحر الأحمر فجلجامش في

الأمريكيتين .. وفي اليمن وبعد فليس في هذه المنطقة فقط يعظمون الأشخاص

إلى حد التأليه .

س – ما أود قوله دكتور أنه في الفلسفة اليونانية هناك محاولة لأنسنة

الآلهة .. أي محاولة إعطاء الآلهة ، اليونانية أبعاد إنسانية فهي تحارب وتتحارب

وتتزاوج وتنجب .. هنا العكس .. وجلجامش كملحمة وجدت مكتوبة بهذه

المنطقة ... ولم أسمع عن ملحمة أخرى كتبت بنفس العنوان في مكان آخر ...

وعلي أيضاً أنجب لكن في مرحلة متقدمة حضارياً ... ؟

ج – لا .. لا أعتقد أن ذلك في هذه المنطقة فقط فالذين اطلعوا على

الأدب الإنكليزي والفرنسي مثل وررذورث وكولوريدج الإنكليزيين ...

هؤلاء كتبوا شيئاً شبيهاً بالصوفية العربية أسموها وحدة الوجود ...

وحدة الوجود تقول بأن المظهر يتجلى بكل شيء ..

الإنسان العادي المسلم عندنا يقول لا حول ولا قوة إلا بالله ...

ما معنى هذا ... يعني كل حول وكل قوة يستمدان من عند الله فلا حول لأحد إلا

بحول الله ، ولا قوة لأحد إلا بقوته ، فهؤلاء الذين اسبغت عليهم صفات عظيمة

تجلى لهم ذلك ، بالنسبة لعلي (ع) ..

يصح لعلي مالا يصح لجلجامش ....

علي (ع) يجب أن يقرأ من خلال التاريخ فماذا فعل علي بالتاريخ ؟

فالمفتي قدراته اللغوية متواضعة ، فماذا فعل علي (ع) باللغة .. ؟

حتى نستطيع أن نتهم الناس بأنهم يقدسون علياً (ع) ..

يجب أن نعرف من هو علي (ع) ، قال عنه الرسول (ص) قبل أن يجابهه عمرو بن

ود العامري في وقعة الخندق (( لقد برز الإيمان كله للشرك كله )) هذا كلام

نبوبي .. كل الفئات تعرف هذا الكلام ..

علي (ع) شخص يقول عنه محمد جاء في صورة الإيمان كله ..

المتكلم ليس ناقداً أدبياً .. إنه الرسول الكريم (ص) خاتم الأنبياء ..

ما معنى هذا .. من يعرف الإيمان يفهم معنى هذا ...

س – ألا يرقى إلى مستوى الألوهية .. ؟

ج – كل مخلوق ينفذ أمر إلهه .. ويقر تنفيذه لأمره يكون قريباً من الله ..

سئل علي (ع) مرة .. إنه تارة يبدو رجلاً كبقية الرجال وأخرى يتراءى وكأنه غير

عادي .. فخلع باب خيبر لا يقوم به رجل عادي فأجاب :

إذا أخذتم حديداً بارداً فإنكم تستطيعون لمسه بأيديكم قالوا صحيح ،

قال : فإذا قربناه من النار ماذا يجري .. قالوا يحمى ..

فقال إذا واصلنا وضعه في النار ماذا يجري قالوا يصبح ناراً ،

قال : فأنا في ساعات القرب من الله لا يصبح لي وجود بمعنى أستمد قوتي من

الله فأخلع باب خيبر ... بهذا المعنى علي (ع) له حالات خارقة لأنه كان مغموراً

ساعتها بنور الألوهية وفي هذه الصياغة اللغوية ذوق رفيع ... وهؤلاء الذين يفهمون

علياً فهماً حقيقياً يعتقدون أن الإقتداء برسول الله أولى .. يعني أن علياً هو الإيمان

كله يدافع عن الإيمان كله ونجد كلام الرسول (ص) فيه الكثير من الذوق –

فبهذا المعنى علي يرقى إلى مراق كبرى يعرفها التاريخ والبلاغة .

جاء رجل لمعاوية ( أشد الناس عدواناً لعلي ) فقال الرجل جئت من عند أعي

الناس وأبخلهم قال من ؟ قال : علي بن أبي طالب ، قال :

قاتلك الله ... والله ما سمى الفصاحة لقريش إلا لعلي بن أبي طالب ،

والله لو كان لعلي بيت من تبن وبيت من تبر لنفذ تبره قبل تبنه .

فحتى خصم علي ( معاوية ) كان يعرف صفات علي (ع) التابعة لمواقفه .

بالنسبة للمفتي فواضح أن معارفه اللغوية متواضعة ..

يقول الذين يقولون بالحلول كفاراً .. لكن ما هي الحلول ...

والإتحاد بالله كفر ... لكن ما هو الإتحاد بالله .. ؟

س – ربما القصد منها التناسخ .. ويتهم بها الدروز على الأخص .

ج – لا .. التناسخ غير الحلول فالحلول باللغة جمع حل .. فموسى قتل

رجلاً والتجأ عند شعيب فأوجد لنفسه حلاً .. وزوجه شعيب وعلمه وخرج من عنده

ثم قال لأهله أني أنست ناراً لعلي آتيكم منها بقبس ..

أو أجد على النار هدى وعندما اقترب من النار قيل له ... اخلع نعليك إنك في

الوادي المقدس طوى .. ثم قيل له أن المتكلم معه صوت إلهي ... الــــــخ .

هذه التجليالت هي حلول فموسى كان يجد تجليات إلهية تلهمه وتوجهه ..

فالحلول ليس نزول الله في شخص بل تجلي ما يخاطب القلب والفكر فتحل

المشكلة . وهذا تفسير لغوي للحلول .

والتناسخ في اللغة هو التالي : أن أعطيك أمراً ما ، فتنسخه عني ، وبالعكس أي

أن تبادل النسخ هو تبادل المعرفة . أنا ابن آدم وآدم علم الأسماء كلها لكني لم

أنسى كل علم آدم مهما طورت نفسي أعتقد أنه أفضل ما يقال لهؤلاء :

تعلموا اللغة العربية التي بمقدورها أن تكون لغة عالمية .

فيؤسفني ، غاية الأسف ، أن يكون مفتي الديار المصرية جاهلاً للغة العربية .

أعود وأصر على اللغة .. لأن من لا يفهم اللغة لن يفهم الدين وستكون فتاواه

معاكسة لغرضها والشيخ عبد القاهر الجرجاني يقول أشرف الفضائل العلم وأشرف

مافي العلم البيان والذين قتلوا روح البيان هم علماء اللغة الحرفيين ... لأن البيان

كشف .. تجلي .. إلهام واللغة حرفته والذين لن يفهموا هذه البلاغة وهذا البيان لن

يفهموا القرآن .

عندما كنت في اليسوعية قيل لي أنني أتكلم كثيراً باسم المسيح وسئلت فيما

إذا كنت مسيحياً . فقلت لهم : هل هناك ديناً جديداً غير دين محمد في الشام ،

فهو الدين الأكمل وخاتم الديانات ومحمد حمل معه المسيح وموسى وإبراهيم أما

أولئك فلم يحملوا محمداً معهم بالمعنى الظاهر .

وأنا إذ قلت أن الإنجيل هدىً ونور فهذا كلام القرآن فأما أن يكون دينكيمغير دين

محمد أو أن تعودوا إلى القرآن .نعود لعلي (ع) لنقول : سنياً أي الإقتداء برسول الله

(ص) فإن علياً (ع) رفع إلى صفات رائعة وفائقة ومنسجمة مع أخلاق الله وهذا

كلام دقيق وفي الحديث القدسي هناك قول :

(( عبدي أطعني تكن مثلي أوتكن مثلي )) فأعمال علي كانت بأمر الله ...

فبهذا المعنى علي (ع) يرقى بصفات من أخلاق الله والرسول الكريم يقول :

علي لا يشكى في أي موقف من المواقف ..( والكلام من تاريخ الطبري )

وأنا أتعجب لماذا يشاع أن علياً (ع) كان على خلاف مع الخلافاء ...

فأبو بكر كان يقول لا كنت لمعضلة ليس فيها أبو الحسن ...

وكان عمر يقول لولا علي لهلك عمر ... وكان عثمان يقول أدركني ولما أمزق

فعلي (ع) إذاً بشر عادي في أحواله العادية ..

وعلي عندما يصبح الإيمان كله يصير حالاً آخر ..

س – من جملة ما ورد من اتهامات في الفتوى أن العلويين لهم كتاب

سماوي ... فهل هذا يعني أنهم لا يقرّون بالقرآن كتاباً سماوياً .. ؟

ج – العلويين لا كتاب لهم إلا القرآن الكريم .. ليس لهم شيء إلا القرآن

الكريم قولاً واحداً ... نحن نقول أن المذاهب كلها تفتي بآرائها .

أما جعفر الصادق (ع) فيقول أن عليا (ع) ما أفتى برأيه وذلك لأن القرآن لم يكن

ناقصاً .. فكل شيء فيه وعلي (ع) كان يعرف كل أسرار القرآن ولذلك لا يحتاج

لرأيه فكل شيء مفتي به .

وأنا عندما كتبت معرفة الله والمكزون السنجاري بعقلية هذا العلوي دافعت عن كل

الفلسفة الإسلامية المتهمة بأنها أخذت آثار فلسفة اليونان وليست أصلية ...

فبمنهج المكزون القرآني رددت كل هذا الحيف عن الفلسفة الإسلامية .. فعالم

مثل المكزون السنجاري لا مرجع له إلا القرآن .. فالعلويون ليس لهم أي كتاب غير

القرآن الكريم المنزل من عند الله .

س – ذكر أيضاً فيما ذكر اتهامات أن العلويين يقولون في الرسول الكريم

كلاماً فظيعاً .. من المفترض أنها شتائم أو قدح في حقه فهل يمكن أن تحدثنا

كيف ينظر العلويون إلى الرسول محمد (ص) .

ج – قلت أن هذا المفتي بعيد عن فهم التاريخ والحقيقة القرآنية ..

سأعود واستشهد بالمكزون السنجاري وهو علوي يقول :

( كل المحاسن جزء من محمد وإليه مرجعها وعنه صدورها ) .

لأن محمداً (ص) يقول عن نفسه : كنت نبياً وآدم بين الماء والطين ..

فالحقيقة المحمدية ... هي حقيقة جميع الرسائل .. هي حقيقة عيسى وإبراهيم

لشخص حرفي غير مستوعب للحقيقة المحمدية .

س – سؤال أخير دكتور أسعد . ترى هل يجاز لأي عالم أو فقيه أن

يصدر فتوى تبيح دم الإنسان لمخالفته تعاليم دين ما ...؟ وما هو الرد على ذلك من

خلال التعاليم الإسلامية نفسها .. ؟

ج – لا إله إلا الله .. من قال لا إله إلا الله فقد عصم دمه وماله ...

وحضرة المفتي يسبي نساء الشعوب التي تصلي ولها مساجدها وأئمتها . تشهد

أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله . وهو يستند في فتواه إلى فتوى رجل كان

في حقيقة الأمر مريضاً ومرضه يؤثر على عقله وهناك حادثة مشهورة عن رجل من

جماعة الشيخ الرفاعي التقى برجل من جماعة ابن تيمية فقال الرجل بأن ابن

تيمية كفركم فأجابه وكل الفرق الإسلامية كفرت ابن تيمية ... !

والنبي محمد (ص) عندما حاسب خالد بن الوليد لأنه قتل رجلاً قال اشهد أن لا

إله إلا الله قبل أن يقتله ... قال له الرسول الكريم كيف تقتله فأجاب خالد لقد قالها

منافقاً .. قال الرسول (ص) هلا شققت عن قلبه لتعرف أنه كان كاذباً . ودفع

الرسول دية عن ذلك القتيل ...

كل العلويين في الأرض يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ،

والقرآن كتاب الله تنزيل العزيز الرحيم بلسان عربي مبين فكيف يبيح المفتي أن

يهدر دم إسلامية . ان الله يقول :

( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا

على ما فعلتم نادمين )


فإهدار دم إسلامية أمر محرّم ويلاقي أشد العقاب وبالنسبة لي أرجوا أن يعود

المفتي إلى القرآن ويدرسه من وجهة نظر توحيدية وليست تقسيمية ويعود إلى

البلاغة العربية ويقرأ بضوئها أمثال الآية الرعدية

( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً )
***************************************************انتهى***********************
 

ملاحظة : نشرت هذه المقابلة في مجلة سومر السورية عام 1992 .. وقد نقلناها من الرابط التالي :

http://www.zoalfekar.com/forum/thread-3-52-4007