لقاء مع سماحة العلامة الشيخ كامل حاتم

أجراه: حيدر السلامي

 

الشيخ كامل حاتم في سطور

- من علماء الشيعة العلويين في سوريا.

- ولد عام 1920م.

- حفظ القرآن الكريم منذ صغره.

- تتلمذ على والده الشيخ حسن ولفيف من علماء المنطقة الساحلية.

- رأس الوفد العلوي الذي التقى الرئيس جمال عبد الناصر أيام الوحدة إثر فتوى الشيخ حسن عمر الظالمة بحق العلويين.

- ساهم في تأسيس وإدارة الجمعية الجعفرية في اللاذقية.

- تعاطى الأدب العربي شعراً ونثراً كتابةً ونقداً وله مؤلفات مطبوعة وأخرى قيد الطبع.

- أحد العلماء الموقعين على بيان تشيع العلويين الصادر سنة 1973.

- هو الآن إمام جامع (مشقيتا) إحدى قرى اللاذقية على الساحل السوري.

حقائق كثيرة قد غمرها التاريخ بركام من الأوهام والأباطيل وأناس كثيرون قد ظلموا وسلبوا حتى أبسط حقوقهم في العيش بأمن وسلام وحسن جوار مع الآخرين، فضلاً عن الاعتراف بفاعلية وجودهم والإشارة إلى دورهم في مسيرة هذه الحياة الإنسانية.

من بين أولئك طائفة من المسلمين لاقت الويل والثبور من تشريد وتعذيب وتقتيل على أيدي الجبابرة المستكبرين في الأرض، من عملاء المستعمر وفرائس التعصب، وطرائد الجهل والتخلف، الذين هم غاية ما استطاعوا تقديمه لأمة الإسلام حركات الشعوبية المقيتة والطائفية البغيضة وطروحات التمزيق والتشرذم.

ولعل أكثر فرقة إسلامية تجنى عليها التاريخ هم الشيعة ومنهم العلويون الذين ألجأتهم الأخطار يوم أحاطت بهم من كل جانب إلى قمم الجبال الشاهقة ليتخذوها مساكن تحميهم من القتل وتحفظ مبادئهم وعقائدهم الإسلامية الحقة من الإندراس أو التشويه والتحريف وتنأى بقلوبهم العامرة بالخير والمحبة عن الحقد والبغضاء.

بغية إنصاف الحقيقة والتعرف عن كثب على أحوال هؤلاء الشيعة العلوية، التقى مندوب موقعنا حيدر السلامي أحد علمائهم الأعلام في مدينة اللاذقية وهو سماحة الشيخ حاتم كامل وأجرى معه الحوار التالي:

س: من هم العلويون وما يميزهم عن سائر المسلمين؟.

العلويون هم فرقة إسلامية بحتة، تدين لله بالألوهية والربوبية، وللمرشد الاجتماعي الأعظم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) بالنبوة والرسالة، دينها الإسلام، كتابها القرآن، مذهبها المذهب الجعفري، إمام مذهبها الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أئمتها الأئمة الاثنا عشر (عليهم السلام) الذي قال الرسول (صلى الله عليه وآله) فيهم كما ورد في كتاب (ينابيع المودة) لمؤلفه الشيخ سلمان القندوزي الحنفي المذهب، عن جابر بن سمرة، قال: كنت مع أبي عند النبي (صلى الله عليه وآله) فسمعته يقول: الخلفاء بعدي اثنا عشر خليفة، ثم أخفى صوته. فقلت لأبي ما الذي أخفى صوته؟ قال: يقول كلهم من بني هاشم، ومنه عن جابر، قال: قال رسول اله (صلى الله عليه وآله): (أنا سيد النبيين، وعلي سيد الوصيين، وأن أوصيائي بعدي اثنا عشر أولهم علي وآخرهم المهدي، وفي رواية أولهم أخي وآخرهم ولدي، قيل من أخوك قال علي، ومن ولدك قال المهدي، والمسلمون العلويون يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقضاء والقدر، وان الخير بسعي من الإنسان وتوفيق من الله، والشر بتسويل النفس الأمارة بالسوء.

هؤلاء هم العلويون ويميزهم عمن سواهم من المسلمين تسميتهم بالعلويين نسبة إلى إمام البلغاء ونبراس الإنسانية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) الذي يعدّ أعظم شخصية في العالم بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)،وقد جاء قوله فيه: (علي مني وأنا من علي).

وأثبت صحة ذلك قوله تعالى في آية المباهلة: (فمن حاجك فيه من بعدما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)، فأبرز من الأبناء الحسن والحسين ومن النساء فاطمة ومن الأنفس علياً (عليهم السلام).

ويميزهم أخذهم بأحكام مقتضى المذهب الجعفري الذي كان إمامه الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أستاذاً ومعلماً لأئمة المذاهب الأخرى. وروي عنه أنه أملى على تلميذه جابر بن حيان حوالي ألف ورقة في الطب والكيمياء، وأن أربعة آلاف راوية رووا عنه الحديث منهم أبو حنيفة النعمان، ومالك بن أنس، وأبو سفيان الثوري وسفيان بن عيينة.. وغيرهم من أئمة المذاهب ورجالات الحديث، حتى قال عنه الإمام مالك: (ما رأت عين ولا سمعت أذن أفضل من جعفر الصادق فضلاً وعلماً وعبادة وورعاً).

وفي سند أبي حنيفة قال الحسن بن زياد: (سمعت أبا حنيفة وقد سئل من أفقه من رأيت، فقال: جعفر بن محمد)، ومن أقواله أيضاً: (لولا السنتان لهلك النعمان). وهذا ابن أبي الحديد المعتزلي شارح كتاب نهج البلاغة قد أرجع علم المذاهب الأربعة في الفقه إليه.

ويميز العلويين أيضاً صدق ولائهم لآل البيت الطاهر وشدة تمسكهم الوثيق بهم مما عرضهم عبر الزمن وخلال مئات الأعوام إلى ألوان من الضغوط والاضطهاد والقتل، وضروب من الملاحقة والتنكيل والتشريد، من قبل مناصبي آل البيت العداء والخصام.

* شائعات تتردد في الشارع الإسلامي عن العقيدة العلوية، ما حقيقتها؟

إن هذه الشائعات قصية عن الصحة عارية منها قد صاغها ولفقها أعداء العلويين الذي اضطهدوهم ولاحقوهم بالظلم والعدوان في الماضي، ويقوم بإذاعتها ونشرها أتباع أولئكم الأعداء ومقلدوهم في الحاضر، والفئة الجائرة المتعصبة التي تمارس المنكرات والمحظورات عملاً لا يتورع أفرادها ووارثوهم بالجور والتعصب عن ممارستها قولاً، خصوصاً في هذا الزمن الرهيب الذي طغت فيه المادة، وانحرف مجتمعه عن طريق فطرته، وأصبح يزخر بمختلف أنواع الشرور والفساد، ويعج بشتى ضروب الفسوق واللاأخلاقية، تترامى في ساحاته أشلاء وأكوام الضحايا والمظلومين باسم المدنية، وترتفع في أجوائه أنات وحشرجات الثكالى والمعذبين بإشراف الحضارة وتتلاعب في أوساطه أدوات وفعاليات المضار والدمار في ظل العلمانية، قد أخنت على صدره حياة التسيب والإرهاب بجرانها الثقيل، ورمت المادة الكثيفة معظم أفراده وجماعاته بدائها الوبيل.

* ما هي الأصول والفروع والأحكام الشرعية التي يتعبد العلويون بها إلى الله؟

أن أصول الدين عندنا خمسة هي:

1- التوحيد.

2- العدل.

3- النبوة.

4- الإمامة.

5- المعاد.

وفروعه كثيرة أهمها خمسة:

1- الصلاة.

2- الزكاة.

3- الصيام.

4- الحج.

5- الجهاد.

- وتوابع فروع الدين خمسة:

1- الطهارة تابعة للصلاة.

2- الخمس تابع للزكاة.

3- الاعتكاف تابع للصيام.

4- العمرة تابعة للحج.

5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تابعان للجهاد.

- والأحكام الشرعية الفرعية خمسة:

1- الوجوب.

2- الحرمة.

3- الاستحباب.

4- الكراهة.

5- الإباحة.

- والأدلة التفصيلية التي تثبت بها الحجة والبرهان أربعة:

1- كلام الله جل جلاله (القرآن).

2- الحديث الصحيح الوارد عن الرسول (صلى الله عليه وآله) والإمام المعصوم.

3- الإجماع.

4- العقل.

* لماذا يتهم العلويون بالغلو والتناسخ والتجسيد؟

إن اتهامهم بالغلو والتناسخ والتجسيد من جملة الشائعات والمقولات التي تذاع عنهم.

والحقيقة أنهم يقولون ويعتقدون بما يقره الإسلام ويثبته بالدليل القاطع، أي بما أكده وأيده الثقلان كتاب الله والعترة الطاهرة، اللذان قال الرسول (صلى الله عليه وآله) فيهما: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبداً).

وإذا افترضنا ولابد أنه قال أو أخذ بعض الأشخاص بها بدافع من فضول أو ادعاء المعرفة، فهل هذا يعني أو يثبت أن المجموعة تنحو هذا المنحى إنما يعتبر ذلك رأي واجتهاد شخصي ومقولة ذاتية خاصة، المسؤول عنها والمؤاخذ عليها صاحبها فقط.

وإني أسأل هل هنالك يا ترى من فرقة أو أمة خلت بمجموعها من الشواذ والشوائب، ولا يمكن أن نتهم الجميع من خلال الشواذ منهم.

* كيف تجدون حركة التشيّع في البلاد الشامية عموماً وفي مناطق الساحل السوري خصوصاً؟

إذا كان المقصود بحركة التشيّع: المسلمين العلويين، فلا محلّ للسؤال هنا. لأن المسلمين العلويين كما ذكرت أتباع المذهب الجعفري، الذي هو مذهب الشيعة. وهنالك إحياء لهذا المذهب بين المسلمين العلويين، بعد الظروف الصعبة التي أشرت إليها سابقا.

أما إذا كنت تقصد أخوتنا المسلمين من بقية المذاهب فنحن في لقاءات مستمرة، وحوارات دائمة معهم، وهدفنا هو وحدة الأمة التي نقدّمها على كل شيء، مقتدين في ذلك بإمامنا الأعظم الإمام علي (عليه السلام)، وبإمام المذهب الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) الذي كان إماماً لجميع المسلمين، وقبلهما نبينا الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) الذي جاء بإسلام واحد.

* هل كانت لكم مناظرات عقائدية مع علماء المذاهب الإسلامية الأخرى؟

لقد حصلت لي عدة مناظرات شفهية وكتابية مع عديد من العلماء من مصر والعراق ولبنان والكويت والحجاز وفلسطين، ومدن سوريا كدمشق وحلب وحمص والسلمية واللاذقية وكنت في جميعها ولله الحمد موفقاً لسيري في حواري معهم في ضوء الحقيقة، وبدعم حججي بالأدلة التفصيلية الثبوتية الأربعة، وأخذي بأسباب اللطف واليسر والأخوة الإسلامية والإنسانية والدعوة إلى وحدة الأمة.

* ما السبيل إلى الوحدة الإسلامية باعتقادكم؟

إنني موردٌ إزاء هذا السؤال هذه العبارات من مقدمة لمؤلف لي باسم (دمغ الحق للباطل) لتصوري إنها ذات صلة به، قلت فيها: ومفروض بالإنسان بحكم أنه النوع الأول والمسؤول الأوحد بين المخلوقات الطبيعية بما منحه الله سبحانه من عقل هو عبارة عن قبس من فيضه تعالى، وبصيرة تميزه عما سواه من الكائنات الحية المادية، مفروض به أن يجعل الحق دوماً رائده، والحقيقة أبداً هدفه، فلا يتعصب للباطل وأهله ولا ينجرف مع تيار الهوى والعاطفة والتقليد بل عليه أن يحسر عن وجه الحقيقة ولو كانت تحت ركام كثيف من أوهام الباطل، وأن يشهد الحق ولو على نفسه أو الأقربين عملاً بقوله: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) وقوله: (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون).

إن الحقيقة واحدة لا تتجزأ، ووجهات النظر متعددة بتعدد أصحابها، وأن للحق نوراً ساطعاً يخرق الحجب، وهو كالشمس المشرقة في يوم صحو لا سحابة في جوه، وهكذا فإن أعمى البصيرة أو المقلد المتعصب هو الذي لا ينعم بجمال الحقيقة، كما أن فاقد البصر أو معصوب العينين هو الذي لا يتمتع برؤية النور والأشياء وما هذه الصراعات الحاصلة بين أفراد وجماعات النوع البشري سواء على الصعيد النظري أو العملي إلا نتيجة لهذه المقولة.

لقد ذكرت كل هذا تمهيداً للقول: إنّ الواجب يفرض علينا جميعاً بمقتضى التسامح الذي جاء به الاسلام ونبيه الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) أن نكون أخوة وألا يلغي أحدنا الآخر، فساحة الإسلام تتسع لجميع المسلمين وهنالك ما يجمعنا كلناً فربنا واحد هو الله ونبينا واحد وهو محمد (صلى الله عليه وآله) وديننا واحد هو الإسلام وكتابنا واحد هو القرآن وسنتنا واحدة وهي سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألا تكفينا كل نقاط الوحدة هذه؟! وأتساءل ما جدوى هذا الاختلاف حالياً، وإلى من تعود فائدته؟.

إن فائدته في الواقع تعود لقوى الاستكبار العالمي المتمثلة بشكل رئيس بالولايات المتحدة الأمريكية، وربيبتها إسرائيل.

المسلمون يختلفون ويمزّق بعضهم صفوف البعض، يتقاتلون كأنهم ألد الأعداء، والدين والواجب يفرض أن يكونوا أخوة والله تعالى يقول: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا).

أليس من الرائع أن نجد المسلمين جميعاً على اختلاف مذاهبهم يجتمعون على نصرة قضية فلسطين، وأخوتهم في فلسطين.

ألا تجد معي عظمة وقوف إيران الإسلامية وهي الشيعية وحزب الله إلى جانب القضية الفلسطينية، في الوقت الذي تراخى فيه بعض حكام المسلمين عن نصرة هذه القضية.

إن ما أريد قوله بعد كل ما ذكرت أنه يجب علينا لتوحيد الأمة أن نحرر أنفسنا من التعصب المقيت وأن يحب بعضنا بعضاً، وأن تكون وحدة الأمة هي الهدف الأكبر وأن نسعى إلى توعية المسلمين جميعاً بهذا الاتجاه قولاً وعملاً وأذكّر هنا بقول علي (عليه السلام): (لأسلمنّ ما سلمت أمور المسلمين) وسلامة أمة المسلمين تكون بوحدتها، والواقع الراهن يشهد بذلك.

* هل يجوز التنازل عن الثوابت المذهبية لأجل الوحدة الإسلامية؟

أجل يجوز؛ بل يجب من أجل الوحدة الإسلامية التنازل عن الثوابت المذهبية الوضعية، وأرى أن الأفضل لتحقيق الوحدة هو ترك استعمال هذه الثوابت من قبل الطرفين في مجالات الحوار والخصام ووقوف كل منهما عند حد ثوابته لا سيما ونحن نمر حالياً عبر ظروف عصيبة أكثر من أي وقت مضى، ونقف أمام عدو خارجي، جبار وشرس وقوي، لا يهادن ولا يسالم، ألا وهو السامرية الجائرة والمستعمر الغاشم ولن نتمكن من درء كابوسه الثقيل إلا إذا نقينا صفوفنا من كل عداوة داخلية ونزاع ممزق وحقد أسود ينبعث من بؤرة الطائفية والعشائرية والمذهبية والمصالح الشخصية ونحوها مما يجهد الاستعمار دائماً وأبداً على تغذيته وبثه بيننا ليتمكن من تجزئتنا وإضعافنا وفرض سيطرته علينا، ولقد كان له ذلك، ونجح ويا للأسف بذلك إذ مشت الأغلبية وفق إشاراته وإيحاءاته، وأخذت الأكثرية بالقشور والمظاهر من مدنيته وغزا مجتمعنا بمختلف فتنه وأفكاره الضارة المفسدة كالأدب الرخيص والفن الإباحي ونحو ذلك من المحدثات والمغريات الشائنة..

* عيد الغدير.. كيف تحتفل به الشيعة العلوية؟

تحتفل الشيعة العلوية بمناسبة الغدير الشهير بعقد الاجتماعات يومه في الجوامع والمساجد الدينية وإلقاء الكلمات المعبرة عن فضل وميزة ذلك اليوم الميمون، وأقوم بدوري عقب الانتهاء من إلقاء الكلمات المعدة بتقديم شرح واف عنه ابتداءً من نزول قوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) إلى قوله سبحانه: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً).

كما أقوم بقراءة بعض من شعر الشعراء في هذا اليوم العظيم ويحضرني هنا بعض من شعر الشاعر الكبير الأستاذ بولس سلامة، من كتابه القيم (ملحمة عيد الغدير) والذي من جملته قوله:

جلجل الحق في المسيحي حتــى***عـــدّ مــــــن فرط حبه علويـــــاً

يا سماء اشهدي ويا أرض قري***واخشعــــــي إنني وددت عـــلياً

* عاشوراء الحسين (عليه السلام).. ماذا تمثل لكم كشيعة علويين؟

عاشوراء الحسين (عليه السلام) تمثل عند الشيعة العلوية القاعدة الأولى والأساس الوطيد للجهاد المقدس والوقوف ضد الجور والبغي والطغيان، وكان منها منطلق وأسوة لجميع الثورات والانتفاضات المشروعة في العالم، ويجري الاحتفال بها لديهم أيضاً في الجوامع والمساجد، وقد أنشأت بمناسبتها قصيدة بعنوان (سيد الشهداء وشهيد السادة) ألقيت مراراً في الحفلات التي كانت تقام لها في أماكن عديدة، كما أهديت منها نسخة لسماحة المرجع الديني الراحل آية الله السيد محمد رضا الكلبايكاني يوم زرناه في مدينة قم (إيران)،أقول في مطلعها:

يا إماماً أبلى جميل البـــلاء***لك مني تحيتي وثنائــــي

لك مني قلبي وخالص حبي***وحياتي ومهجتي ووفائي

ويبلغ عدد أبيات القصيدة (65) بيتاً.

* هناك من يرى وجوب ترك البحث في الوقائع التاريخية لأنها تنكأ الجروح وتمزق الأمة وتبعدها عن أهدافها؟

لا بأس من ذلك إذ أن المخطئ لا يرجع عن خطئه لدى البحث في هذه الوقائع وحرصاً على صالح وحدة الأمة خصوصاً في هذه الظروف التي بلغت أقصى مدى في الشدة بسبب بلوغ المستعمر والصهيونية في الجور والعدوان أقصى حد وأسوأ مدى.

* كيف يمكن للمسلمين اليوم أن يواجهوا التحديات الكبيرة والمؤامرات العالمية التي تحاك لهم جهاراً نهاراً؟

يمكن لهم ذلك بالعمل بمقتضى مبادئ إسلامهم الحقة وتعاليمه الحكيمة على الوجه الأكمل، إسلامهم الذي أمرهم بقوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى) والذي نهاهم بقوله سبحانه: (ولا تفرقوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).

يمكنهم التضامن الوثيق والتكاتف السليم، بمقاطعة المستمر الغاشم وربيبته السامرية الجائرة من جميع الجوانب والنواحي بمقاطعتهما وترك التعامل معهما سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ونحو ذلك.

* إطّلعتم على فكر الإمام محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره)، ما الجانب الأهم من ذلك الفكر الإسلامي؟

أجل اطلعت على فكر هذا العلامة المفضال، وقد التقيت معه مرات عديدة منها في دمشق يوم حفلة تأبين المرحومة والدته إذ ألقيت كلمة نثرية بمناسبتها، وذلك بحضوره وحضور أخوته السادة الشهيد حسن وصادق ومجتبى مع حشد كبير من المحتفلين والتقيت أيضاً معه في الكويت حيث ألقيت كلمة في إحدى الحسينيات هنالك بناء على طلبه، وهو في الصف الأمامي بين أصدقائي من كبار العلماء.

ويميزه عمن سواه في تفكيره النير السديد مؤلفاته القيمة الفائقة كماً وكيفاً وإنه كان يصدر الفتاوى التي تتناسب وتتفق مع حال العصر الحديث وحضارته الحاضرة ويصح لنا ويحق لنا أن نطلق عليه المرجع الديني المجدد.

* لقد زار الشهيد حسن الشيرازي مناطق العلويين، هل التقيتموه، كيف وجدتم هذه الشخصية؟

إن الشهيد السيد حسن الشيرازي (رحمه الله) زار مناطق إخوانه العلويين أكثر من أي عالم من علماء المسلمين، والتقيت معه أكثر من أية شخصية دينية أخرى في العالم الإسلامي.

لقد زارني في منزلي مرات عديدة، وحصلت بيني وبينه صداقة حميمة يندر حصولها بين اثنين، وقد حزنت لفقده حزني على أحد أخوتي نسباً، وإن ذكريات لقاءاتي واجتماعاتي معه لا تنسى، خصوصاً منها ذلكم اللقاء السعيد في مكة المكرمة أثناء قيامي بفريضة الحج المباركة سنة (1977م)، إذ اتخذ فيها دارا باسم أخيه السيد محمد الشيرازي كانت تؤمها للقاء معه العلماء والشخصيات البارزة من مختلف أقطار العالم الإسلامي، وقد حضرت مجلسه لعدة أيام كنت أتكلم وأتحدث خلالها بمواضيع إسلامية هامة، وكنت أنظر إليه مع شديد أسفي عليه وهو يهتز طرباً إعجاباً بحديثي آنئذ شافعاً ذلك بقوله أجدت، أحسنت..

وقد عبرت عن هذه الذكريات في أحد أبيات قصيدتي التي قلتها في رثائه، ثم في لفيف هذه اللقاءات التي حصلت بيننا في أماكن عديدة ولسنوات عديدة لم أسمع منه أية ملاحظة أو تعليق نحو إخوانه العلويين. بل على العكس فقد كان يشيد بهم ويعترف بنقاء إسلاميتهم وشيعتهم، وخير شاهد ومؤكد لصحة قولي هذا ما جاء في مقدمته الرائعة للبيان الذي سبق أن أصدرناه ونشرناه باسم (المسلمون العلويون شيعة أهل البيت) ووقعه ثمانون عالماً من علمائهم ووجهائهم في الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية، قال:

(لقد وفقني الله تعالى لزيارة إخواننا المسلمين العلويين في الجمهورية العربية السورية من 3-7 شعبان 1393هـ، ثم زرت إخواننا المسلمين الشيعة في طرابلس لبنان، وذلك على رأس وفد من العلماء بأمر من سماحة الإمام المجدد المرجع الديني السيد محمد الشيرازي (قدس سره).

فالتقيت بجماعة من علمائهم ومثقفيهم ومجموعة من أبناء المدن والقرى في جوامعهم ومجامعهم، وتبادلنا معهم الخطب والأحاديث، فوجدتهم كما كان ظني بهم من شيعة أهل البيت الذين يتمتعون بصفاء الإخلاص وبراءة الالتزام بالحق..).

إلى قوله: (هذا البيان الذي يقدمه إلى الرأي العام أصحاب الفضيلة من شيوخهم هو واضح وصريح لأداء دلالتين:

- الأولى: أن العلويين هم شيعة ينتمون إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بالولاية وبعضهم ينتمي إليه بالولاية والنسب كسائر الشيعة الذين يرتفع انتماؤهم العقيدي إلى الإمام علي (عليه السلام) وبعضهم يرتفع إليه انتماؤه النسبي أيضاً.

- الثانية: أن العلويين والشيعة كلمتان مترادفتان مثل كلمتي الإمامية والجعفرية، فكل شيعي هو علوي العقيدة، وكل علوي هو شيعي المذهب.. الخ).

فلينظر القارئ المنصف إلى هذه الشهادة الصادقة الصادرة عن رجل كان مثالاً للصدق والإخلاص والمثل العليا وإنه (رحمه الله) لم يقف عند حد زيارته لإخوانه العلويين في سوريا ولبنان فقط، فقد زار حسب ما حكى لي عدة مدن من عدة أقطار إسلامية وعربية، قام فيها ببث التوجيه والإرشاد والدعوة إلى وحدة الكلمة، من جملتها ساحل العاج في أفريقيا، وقد التقيت بوجه من وجوه ساحل العاج في مجلسه بمكة أثناء رحلته وحصل بيننا نقاش جميل وممتع ابتهج له الحضور، ولمتانة الصلة الودية التي حصلت بيني وبينه فقد وعدني بإعادة طبع كتابي (الموجز المتين في العبادات والمعاملات على مقتضى فقه الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)) بعد وضع المقدمة له من قبله، ولكن ويا للأسف والحسرة عليه فقد حال دون إنجازه ذلك حصول اغتياله بيد الغدر والإثم والنذالة، وقد تأثرت لرحيله بدرجة قصوى، ورثيته بقصيدة شعرية ألقيتها بمناسبة حفلة تأبينية التي أقيمت له في أحد الأبنية من حي السيدة زينب (عليها السلام)، وأيضاً كلمة أخرى نثرية ألقيت في الحوزة العلمية الزينبية بحضور حشد كبير من العلماء والشعراء والأدباء.

ولقد افتتحت قصيدة الرثاء بقولي مخاطباً سماحته:

يا شهيداً شهد العلم لـه***أنه السبّاق في مضمـــــاره

وإماماً أمه الناس لكـي***يقبسوا الإشعاع من أنـواره

وربيعاَ مشرقاً في كوننا***عطر الأجواء من أزهـــاره

وقلت في رثائه بكلمتي النثرية، بعد كلام: أيها الحفل الكريم، إخواني، إننا جميعاً نجتمع في هذا المكان الطاهر في حسينية الحوزة العلمية الزينبية في مدينة دمشق الجميلة، نجتمع لنقوم بإحياء ذكرى مؤسس هذه الحوزة المباركة العلامة الجليل حجة الإسلام ونبراس الفضيلة والمجاهد الكبير آية الله الشهيد في سبيله الإمام السيد حسن الشيرازي طيب الله ثراه وغمره بفيض من رضوانه.

أيها الأخوة..

إن إحياء ذكريات أبطال التاريخ وعظماء الإنسانية على صورتين، صورة شكلية مظهرية، وأخرى عملية تطبيقية.

- فالأولى: تكون وتحصل بعقد الاحتفالات والاجتماعات، يتخللها التحدث والتكلم حول آثار ومآثر الأشخاص المحتفى بذكراهم، كما هو الحال فيما نحن عليه الآن.

- والثانية: تتجلى بالسير على نهجهم القويم اللاحب، والعمل في تطبيق مبادئهم الحقة وتعاليمهم الحكيمة وتكريم المحتفى بذكراهم التكريم الصحيح السليم إنما يتحقق ويتم بتحقيق الصورة الثانية أي بالعمل التأسي بأفعال وأخلاق أولئكم المحتفى بذكراهم، لا بالوقوف عند حد الصورة أي بالاقتصار على عقد الاجتماعات والاحتفالات، وإلقاء القصائد والكلمات.

* لكم مؤلفات مطبوعة وأخرى قيد الطبع.. حبذا لو ذكرتم عناوينها؟

- المؤلفات المطبوعة هي:

1- الموجز المبين في معرفة أصول وفروع الدين (قسم العبادات).

2- الموجز المبين في المعاملات.

3- علي في الواجب والأخلاق والفضيلة.

4- كلماتي.

5- كتاب الحج والعمرة.

6- قصيدة بعنوان (يا آل طه).

7- مقالات في مجلات أدبية وعلمية مختلفة.

- المؤلفات قيد الطبع:

1- كتاب مذكراتي.

2- كتاب الأسئلة والأجوبة.

3- كتاب الردود.

4- كتاب الحجاب.

5- كتاب دمغ الحق للباطل.

6- الرد على كتاب نقد الفكر الديني للدكتور صادق جلال العظم.

7- كتاب روضة الأزهار في طرائف القصص والأخبار.

8- كتاب الأدعية.

9- كتاب المراثي.

10- ديوان شعري.

 

        هذا اللقاء مأخوذ من موقع الأربعة عشر معصوما على الرابط التالي:

           http://www.14masom.com/leqaa/29/29.htm